الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٩٩
صلى الله عليه وسلم جلس في مرضه الذي مات فيه إلى جنب الحجر، فحذر الفتن، وقال: إني والله لا يمسك الناس علي بشئ، إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه، ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه.
قال علي: وهذا مرسل لا يصح، وفيما أخذناه عن بعض أصحابنا عن القاضي عبد الله بن محمد بن يوسف، عن ابن الدخيل، عن محمد بن عمرو العقيلي، حدثنا محمد بن أيوب، ثنا أبو عون محمد بن عون الزيادي، ثنا أشعث بن بزار، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا حدثتم عني بحديث يوافق الحق فخذوا به حدثت به أو لم أحدث.
قال علي: وأشعث بن بزار كذاب ساقط لا يؤخذ حديثه، وحدثنا المهلب بن أبي صفرة، ثنا ابن مناس، ثنا محمد بن مسرور، ثنا يونس بن عبد الاعلى، عن ابن وهب، أخبرني الحارث بن نبهان، عن محمد بن عبد الله العرزمي، عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ما بلغكم عني من قول حسن لم أقله فأنا قلته.
قال علي: الحارث ضعيف، والعرزمي ضعيف، وعبد الله بن سعيد كذاب مشهور، وهذا هو نسبة الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه حكي عنه أنه قال: لم أقله فأنا قلته فكيف يقول ما لم يقله هل يستجيز هذا إلا كذاب زنديق كافر أحمق؟ إنا لله وإنا إليه راجعون على عظم المصيبة، بشدة مطالبة الكفار لهذه الملة الزهراء، وعلى ضعف بصائر كثير من أهل الفضل، يجوز عليهم مثل هذه البلايا لشدة غفلتهم، وحسن ظنهم لمن أظهر لهم الخير.
قال علي: فإحدى الطائفتين أبطلت الشرائع، والأخرى أباحت الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نبرأ إلى الله تعالى من كلتا هاتين الطائفتين وهاتين المسألتين.
ونقول للأولى: أول ما نعرض على القرآن الحديث الذي ذكرتموه، فلما
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258