قال علي: أما الفتنة فقد عجلت له ولا فتنة أعظم من تماديه على ما هو فيه وارتطامه في هذه العظيمة أعظم فتنة، ووالله ليصحن القسم الآخر إن لم يتدارك نفسه بالتوبة والاقلاع، والطاعة لما أتاه من نبيه صلى الله عليه وسلم ورفض قبول قول من دونه كائنا من كان، وبالله تعالى التوفيق.
وقال تعالى: * (ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين، وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون، وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين، أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون، إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون، وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون، قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) * قال علي: هذه الآيات محكمات لم تدع لاحد علقة يشغب بها، قد بين الله فيها صفة فعل أهل زماننا فإنهم يقولون: نحن المؤمنون بالله وبالرسول، ونحن طائعون لهما، ثم يتولى طائفة منهم بعد هذا الاقرار، فيخالفون ما وردهم عن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، أولئك بنص حكم الله تعالى عليهم ليسوا مؤمنين، وإذا دعوا إلى آيات من قرآن أو حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يخالف كل ذلك تقليدهم الملعون أعرضوا عن ذلك، فمن قائل: ليس عليه العمل، ومن قائل:
هذا خصوص، ومن قائل: هذا متروك، ومن قائل: أبى هذا فلان، ومن قائل:
القياس غير هذا، حتى إذا وجدوا في الحديث أو القرآن شيئا يوافق ما قلدوا فيه طاروا به كل مطار، وأتوا إليه مذعنين كما وصف الله حرفا حرفا، فيا ويلهم ما بالهم، أفي قلوبهم مرض وريب؟ أم يخافون جور الله تعالى وجور رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا إنهم هم الظالمون كما ثم بين تعالى أن قول المؤمنين سماهم الله رب العالمين فبعدا للقوم الظالمين إذا دعوا إلى كتاب الله تعالى، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم،