معها، أو أن هذا الرجل الذي عهدنا عدالته قد فسق، أو أن فلانا الذي عهدنا فسقه قد تعدل، أو أن فلانا الذي عهدناه غير وال قد ولي الحكم في بلد كذا، أو أن فلانا الذي عهدناه واليا قد عزل، وأن الله تعالى قد ألزمكم أمر كذا، أو حرم عليكم أمر كذا، أو أحل لكم أمرا عهدناه حراما، أو أسقط عنكم أمرا عهدناه لازما، فكما ذكرنا من دعوى انتقال حال معلومة فعلى مدعي انتقالها الدليل، ولا تكلف مبطل هذا القول دليلا على بطلان قول خصمه، إذا قام الدليل على صحة قوله، ولا يلزم التكرار للدليل بلا خلاف ما كل ما ذكرنا حاشا مسائل الالزام والتحريم والاحلال والاسقاط، فخصومنا موافقون لنا على القول بقولنا فيها بلا خلاف، ومستخفون بمن خالفنا.
وأما هذه المسائل الأربعة المذكورة، فدليلنا على صحة قولنا هو قوله تعالى:
* (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم - إلى قوله - ثم أصبحوا بها كافرين) * فصح بنص الآية أن ما لم ينزل بنص القرآن وجوبه أو تحريمه فهو ساقط معفو عنه.
وأما بطلان قول من ادعى سقوط شئ قد ثبت بنص أو إجماع أو إحلال ما قد حرم بنص أو إجماع، فقد أبطل ذلك ربنا تعالى بقوله: * (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) *، وقال تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) * وقال تعالى: * (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا) قال علي: فبين الله تعالى بيانا جليا لا إشكال فيه، أنه لا يحل تحريف كلام الله تعالى ولا تعدي حدوده، ولا أن نترك ما أوحي إلينا، وأن من خرج عن شئ من ذلك فهو ظالم مفتر على الله تعالى، فوجدنا الله عز وجل قد ألزمنا طاعة ما جاء في القرآن وطاعة ما جاء عن نبيه صلى الله عليه وسلم، لأنه إنما ينطق عنه عز وجل، وطاعة ما أجمع عليه جميع المسلمين عن نبيهم عليه السلام، وأن هذه حدود الله تعالى. فمن أراد إخراجنا عما ثبت بشئ منها، وأن يعدى بنا عنها فقد حرف