بإطلاقات الأدلة أصلا (نعم يمكن) دعوى الإجماع القطعي على عدم سقوطهما جميعا بالتعارض كما تقدم قريبا فيتعين الأفضل لدوران الأمر فيه بين التعيين والتخيير ولاستقلال العقل بوجوب الأخذ بأقوى الدليلين كما سبق وعرفت غير مرة فتأمل جيدا.
(قوله ودعوى السيرة على الأخذ بفتوى أحد المخالفين في الفتوى من دون فحص عن أعلميته مع العلم بأعلمية أحدهما ممنوعة... إلخ) (جواب عن الوجه الثالث) من وجوه القائلين بجواز تقليد المفضول (قال في التقريرات) الثالث دعوى استقرار سيرة أصحاب الأئمة على الأخذ بفتاوى أرباب النظر والاجتهاد من دون فحص عن الأعلمية مع القطع باختلافهم في العلم والفضيلة ويكفي في ذلك ملاحظة تجويز التكلم لهشام وأضرابه دون غيرهم ويعني بذلك انه يكفي في اختلافهم في العلم والفضيلة كون هشام وأضرابه مأذونين في المناظرة مع المخالفين في الإمامة ونحوها دون غيرهم فلو كانوا متساوين في العلم والفضيلة جميعا لم يختص الإذن ببعضهم دون بعض.
(ثم إن جواب المصنف) عن الوجه الثالث هو مجرد المنع عن السيرة (ولكن) صاحب التقريرات قد أجاب عنها بنحو أبسط (قال) وأما السيرة فالمسلم منها انهم مع عدم علمهم بالاختلاف في الفتاوى كانوا يرجعون بعضهم إلى بعض وأما مع العلم بالاختلاف إجمالا فلا نسلم عدم فحصهم عن الفاضل وعدم رجوعهم إليه فكيف بما إذا علموا بالفضيلة والاختلاف تفصيلا (قال) بل يمكن دعوى ندرة الاختلاف بين أصحاب الأئمة أيضا ولا ننكر أصل الاجتهاد في حقهم بل نقول بالفرق بيننا وبينهم من وجوه أسباب الاختلاف في حقنا دونهم فإن حالهم كما مر مرارا حال المقلدين في أمثال زماننا حيث انهم لا يختلفون في الفتاوى المنقولة عن مجتهدهم فإنه كلما يزداد بعد عهدنا عن مشكاة الإمامة ومصباح الولاية يزداد الحيرة والاختلاف فينا (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.