ويستفاد هذا الجزاء من قوله عليه السلام قبل ذلك في جواب السائل قلت فإن حرك إلى جنبه شيء ولم يعلم به قال لا أي لا يجب الوضوء ثم قامت العلة وهي قوله عليه السلام فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشك مقام الجزاء المحذوف (وقد ذكر الشيخ) أعلى الله مقامه لذلك أمثلة عديدة من الكتاب العزيز (مثل قوله تعالى) وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى.
(وقوله تعالى) وإن تكفروا فإن الله غني عنكم.
(وقوله تعالى) ومن كفر فإن ربي غني كريم إلى غير ذلك من الأمثلة واما العلة في المقام فهي عبارة عن اندراج اليقين والشك في مورد السؤال تحت القضية الكلية المرتكزة في أذهان العقلاء الغير المختصة بباب دون باب وهي عدم نقض اليقين أبدا بالشك وعدم رفع اليد عن العمل على طبق الحالة السابقة ما لم يعلم بالخلاف أصلا فقوله عليه السلام فإنه على يقين من وضوئه بمنزلة الصغرى وقوله عليه السلام ولا ينقض اليقين أبدا بالشك بمنزلة الكبرى فيكون ذلك إمضاء لما استقر عليه بناء العقلاء وإنفاذا لما استمر عليه وسيرتهم وتصحيحا لما جرى عليه ديدنهم وهو المطلوب والمقصود غايته ان العقلاء كما أشرنا قبلا لا يكاد يعملون على طبق الحالة السابقة إلا إذا أفادت هي الوثوق والاطمئنان بالبقاء والصحيحة مما له إطلاق ينهي عن نقض اليقين بالشك مطلقا ولو لم يكن هناك وثوق واطمئنان بالبقاء ما لم يكن هناك يقين آخر ينقضه (ومن هنا يظهر) ان اعتراف المصنف هنا بالقضية الكلية الارتكازية الغير المختصة بباب دون باب واندراج اليقين والشك في مورد السؤال في تلك القضية الكلية المرتكزة مناف لما تقدم منه آنفا من منع استقرار بناء العقلاء على العمل على طبق الحالة السابقة بما هي هي على وجه الاستصحاب وان بنوا عليه بملاكات متعددة لا على وجه الاستصحاب اما رجاء واحتياطا أو اطمئنانا بالبقاء أو لغير ذلك وهذا واضح جلي لا يخفى على الفطن الزكي فلا تغفل أنت ولا تذهل.