لعبده أكرم زيدا إن جاءك فقد أنشأ إنشاءين وجعل امرين غايته ان أحدهما استقلالي وهو جعل وجوب إكرام زيد عند مجيئه والآخر تبعي وهو جعل السببية للمجيء نظير ما إذا أوجد الأربعة استقلالا وجعلت الزوجية لها تبعا ومن المعلوم انه لا يعتبر في الجعل التبعي ان يجده الجاعل من نفسه كي صح ان يقال فهل يجد المولى من نفسه انه أنشأ إنشاءين وجعل امرين أو يقال فالحوالة على الوجدان لا البرهان (واما قوله) أو ان الثاني مفهوم منتزع من الأول فهو حق ولكن مجرد كون السببية أو الشرطية أو المانعية منتزعة عن التكليف مما لا يلازم الاتحاد والعينية كما أشرنا قبلا كيف والانتزاع هو ملاك الإثنينية لا ملاك الاتحاد والعينية.
(وبالجملة) إن كلا من التكليف والوضع هو امر اعتباري عند العرف والعقلاء غير الآخر وكل منهما قابل للجعل التشريعي استقلالا وتبعا فإذا جعل أحدهما استقلالا فقد جعل الآخر تبعا.
(نعم إن من الأحكام الوضعية) ما لا يقبل الجعل التشريعي إلا استقلالا لا تبعا كالزوجية والملكية والحرية ونحوها فإنها وإن كانت هي أمورا اعتبارية قد اعتبرها العرف والعقلاء مع قطع النظر عن الشرع ولكنها مع ذلك هي أحكام وضعية شرعية ولو بملاحظة إمضائه لها في موارد خاصة ومع الشرائط مخصوصة لا في كل مورد يراها العرف والعقلاء (وعلى كل حال) هي مما يحتاج إلى الجعل الاستقلالي والإيجاد بأسباب خاصة وأمور مخصوصة ولا يكفيها مجرد جعل الحكم التكليفي الذي هو في موردها فلا ينتزع الزوجية مثلا من جواز الوطء أو الملكية عن إباحة التصرفات بل تحتاجان إلى عقد خاص يترتب عليهما بعد إنشائهما بالعقد جواز الوطء أو إباحة التصرفات وهكذا الأمر في الحرية ونحوها عينا (هذا كله) تفصيل ما عندنا من التحقيق.
(واما المصنف) فسنذكر تحقيقه مع ما فيه من المناقشات عند ذكر كل نحو من أنحاء الوضع على حده فانتظر يسيرا.