تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
حلال وحرام، اما بأخذه عن الامام، أو عن الفقيه، ومثل المقلدين في عصرنا مثل المحدثين في اعصارهم، فهم كانوا يفزعون معالمهم عند أئمتهم أو تلامذتهم، و أولئك يرجعون إلى الفقهاء العارفين بحلالهم وحرامهم، فلم جاز لهم التصدي دون أولئك.
وفيه: ان تمام الموضوع لجواز القضاء هو العلم بحلالهم وحرامهم سواء كان زمن الغيبة أو زمن الحضور، غير أن العلم بهما في هذه الاعصار (لأجل تشتت الروايات وتضاربها، وبعد العهد وندرة التواتر وانفصال القرائن الموجودة) لا يحصل الا إذا تحلى الرجل بقوة الاستنباط، حتى يعالج بها هذه النواحي العائقة. فالفقهاء في هذه الاعصار، والمحدثون في أجيالهم (ع) مشتركون في أنهم رووا حديثهم، وعرفوا حلالهم وحرامهم، غير أن المحدثين لقرب عهدهم وتمكنهم من الأئمة، كان تحصيل العلم بحلالهم وحرامهم عليهم سهلا غير عسير، الا ان علم فقهاء الاعصار ووقوفهم على احكامهم، يحتاج إلى طي مقدمات وتحصيل مباد، يحتاج إلى بذل الجهد و استفراغ الوسع الذي تحصل بهما قوة الاستنباط والاجتهاد، فلو قال أحد بشرطية الاجتهاد، في جواز القضاء في هذه الاعصار فلا يقصد منه دخالته في الموضوع وتقوم الموضوع به ضرورة ان الموضوع في المقبولة غيره، بل المقصود منه، دخالته في حصول قيود الموضوع أعني ما ساقتها المقبولة من القيود والحدود على ما عرفت واما المقلد فقد عرفت بمالا مزيد عليه انه خارج عن الموضوع من رأس، وانه ليس ممن عرف حلالهم واحكامهم على ما مر.
أضف إلى ذلك ما سيوافيك بيانه: من وجود الاجتهاد بالمعنى المعروف في اعصارهم بين العامة والخاصة اما الخاصة فسيمر عليك بيان ما يدل علي وجوده فيهم، واما العامة، فإنهم كانوا أصحاب رأى وقياس، وكان المنصوبون من الخلفاء لأمر القضاء من الفقهاء وذوي الاستنباط والاجتهاد، كأبي حنيفة وابن شبرمة وابن أبي ليلى واضرابهم.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست