وعلى اي حال فالصحيحة ظاهرة في اختصاص ذلك المنصب للأنبياء وأوصيائهم والفقهاء اما داخل تحت قوله أو وصى نبي بحكم الروايات أو خرجوا عن الحصر بالأدلة الماضية وبقى الباقون تحت المنع، علي ان الشك في جواز نصب النبي العامي كاف في عدم جواز نصب الفقيه إياه للقضاء إذ من الممكن اشتراط الفقاهة مع عدم اطلاق يصح الاتكال عليه وربما يرد الأمر الثاني، بأنه إذا سلمنا ان للنبي نصب العامي العارف بالأحكام للقضاء لكن لا نسلم ان كل ما للنبي من الشأن الثابت للفقيه، فان أقوى الأدلة، مقبولة عمر بن حنظلة، لكن لا دلالة لها علي عموم الولاية للفقيه بل صدرها وذيلها يدل على أن للفقيه القضاء بين الناس، وبيان الحلال والحرام ويجب علي الناس الاتباع لهم، وأين ذلك من القول بعموم الولاية وثبوت كل ما للنبي من الشأن للفقيه، ولو فرض دلالتها يجب حملها على ذلك حذرا من التخصيص الأكثر، إذ للنبي والأئمة من بعده، شؤون كثيرة تختص بهم ولا نتجاوز غيرهم فكيف يمكن التفوه بعموم المنزلة والولاية، بل لا يمكن التمسك في الموارد المشكوكة بأدلة الولاية، الا بعد تمسك جماعة من الأصحاب حتى يرتفع غبار الشك، ولم يتمسك في المقام الا القليل من المتأخرين.
ويمكن ان يجاب عنه: بان جواز نصب العامي للقضاء لا يتوقف على عموم الولاية بالمعنى الذي ذكر بان نقول بثبوت كل ما للنبي من الشؤون، للفقيه بل يكفي في ذلك ان يقال: بان المستفاد من المقبولة، هو اعطاء منصب الحكومة للفقيه، على وجه الاطلاق، وجعلهم حكاما شرعيا في مقابل حكام الجوز، وان لهم التولي والتصدي لكل ما كان توليه من شؤون الحكام في ذلك الزمان، وقد كان نصب القاضي من شؤون الحكام والسلاطين كما كان نصب الامراء من شئونهم في تلك الأزمنة، و (عليه) فجعل الفقيه حاكما، مستلزم لجواز نصب القضاة بلا احتياج إلى اثبات أمر آخر، وهذا لائح لمن سبر حالات الخلفاء، والحكام والقضاة في الاسلام ويكشف ذلك عن انه كان عليه السيرة من بدء الاسلام.
وما فسره به الرواية من أنه بصدد بيان ان وظيفة الفقيه بيان الاحكام، ساقط