الأفضل في باب العمل بالتكاليف الصادرة من الموالى إلي العبيد مشكل جدا فإنه ربما يسامح الرجل في اغراضه الشخصية ولا يصح ذلك في اغراض المولى وموارد الاحتجاج، أضف إلى ذلك أنه لم يحرز عمل العقلاء بقول المفضول مع وجود الفاضل فيما إذا علم مخالفتهما تفصيلا، بل اجمالا إذا كان على نحو التنجيز، كما إذا كان الأطراف محصورة بان يعلم مخالفة رأى المفضول لرأى غيره في إحدى المسائل المعينة، وما ذكرنا من أن العقلاء يتركون مراجعة الأفضل ويراجعون إلى غيره معتذرين في هذا باعذار غير وجيهة، انما هو إذا لم يعلم مخالفتهما تفصيلا أو اجمالا على الوجه المنجز مضافا إلى كون المقام من دوران الامر بين التعيين والتخيير، مضافا إلي ان الأصحاب أرسلوه ارسال المسلمات، فتعين قول الأعلم لا يخلو عن قوة هذا بناء العقلاء بقى الكلام في بيان حال الأدلة الشرعية فلنذكر أدلة الطرفين.
حال الأدلة الشرعية في لزوم تقليد الأعلم وعدمه استدل القائلون بجواز تقليد المفضول مع مخالفة رأيه لرأى الفاضل بوجوه:
منها: قوله تعالى: وما أرسلنا قبلك الا رجالا نوحي إليهم فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون (الأنبياء - 7) مدعيا ان اطلاقها يشمل السؤال عن مطلق أهل الذكر، فاضلا كان أو مفضولا، حصل التوافق بينهما أو لا، خصوصا مع ندرة التساوي والتوافق.
وفيه أولا: انه لا يصح الاستشهاد بالآية لما نحن فيه لا بحكم السياق إذ لازمه كون المراد من أهل الذكر، هو علماء اليهود والنصارى، ولا بحكم الروايات، فان مقتضى المأثورات كون الأئمة هم أهل الذكر المأمور بالسؤال عنهم.
وثانيا: ان الهدف من السؤال انما هو تحصيل العلم، لا القبول علي وجه التعبد كما هو يفصح عنه الجملة الشرطية، ويؤيده ان الامر بالسؤال، كان، لما يختلج في أذهانهم من الشبهات حول الأصول والعقائد، (فح) يختص الآية بالموارد التي يعتبر فيها تحصيل العلم، ومعلوم ان السؤال عن واحد منهم لا يفيد العلم، فلا محيص عن