قد يستفاد من اخبار كثيرة متفرقة في أبواب متفرقة، ان الاجتهاد في الاحكام وتحصيل مرتبة التفقه، مستحب نفسي مؤكد، أو واجب كفائي نفسي، ويدل على المطلوبية النفسية اخبار: (منها) ما ورد في فضل العلم والعلماء كما في مرسلة الربعي عن أبي جعفر عليه السلام: الكمال كل الكمال التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة وما روى عن أبي عبد الله عليه السلام. ان العلماء ورثة الأنبياء، وقوله عليه السلام العلماء أمناء الله، وقوله صلى الله عليه وآله من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلي الجنة وغيرها من أن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم مما لا تعد، وهذه الروايات تعطى كون التفقه مطلوبا نفسيا، وليس من البعيد لو قلنا: بدلالة طائفة منها على الوجوب الكفائي كما لا يبعد استفادته من آية النفر.
وهيهنا طائفة أخرى يدل على أن الجهل وترك السؤال والتعلم لا يعد عذرا، كما يدل عليه مرسلة يونس عن بعض أصحابه قال سئل أبو الحسن عليه السلام هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه فقال: لا. وصحيحة الفضلاء قالوا: قال أبو عبد الله عليه السلام: لحمران بن أعين في شئ سئله انما يهلك الناس لانهم لا يسئلون ورواية المجدور الذي غسلوه ولم يمموه وما ورد في تفسير قوله تعالى: فلله الحجة البالغة انه يقال للعبد يوم القيمة هل علمت فان قال نعم قيل فهلا عملت، وان قال لا قيل له هلا تعلمت حتى تعمل إلى غير ذلك ما هو ظاهر في أن العلم للعمل، وهذه الروايات ارشاد إلى حكم العقل من لزوم السؤال والتعلم، لتمامية الحجة على العبد على فرض ورود البيان من المولي، و لا يدل على الوجوب النفسي، ولا النفسي التهيئي، لأن مفادها تابع لحكم المرشد إليه وهو حاكم بعدم وجوبه نفسيا وهيهنا روايات كثيرة لا يسع المقام لايرادها وتوضيح مقاصدها، وفيما ذكرنا كفاية انشاء الله تعالى.
صحة عمل الجاهل وبطلانه قد اتضح مما ذكرنا ان الملاك لصحة عمله وبطلانه هو الاتيان بكل ما يعتبر في المأمور به من الاجزاء والشرائط، وعدمه، وهذا هو المراد من قولهم. من وجود الملازمة بين بطلان العمل واستحقاق العقاب، وصحته وعدم استحقاقه. غير أنه قد انتقض هذه القاعدة