فلأجل هذا وذاك تحكم الضرورة بأنه صلى الله عليه وآله أوضح أمر الحكومة والقضاء وعين حدودهما، وبين من يشغلهما، بعد حياته وفي زمن غيبة أوصيائه، ولم يترك الأمة سدى خصوصا مع اخباره عن تطاول الغيبة، وانقطاع يد الأمة عن أوليائه، مع تحريمه الرجوع إلى قضاة الجور، وقضاة الطاغوت، وان المأخوذ بحكمهم سحت و إن كان الحق ثابتا، فهو صلى الله عليه وآله تكميلا لنبوته، وتتميما لشريعته عين تكليف الأمة في زمن الغيبة أو أمر بأوصيائه ان يوضحوا لهم الطريق في هذا الباب حتى يندفع النقيصة ويتم الشريعة.
وما يقال: إن وجوده لطف وغيبته منا فلا يجب تعيين السائس علينا لتقصيرنا في غيبته لا يخلو عن خفاء فان وجوده وإن كان لطفا، الا غيبته لمصالح ربنا اعرف بها، لا لتقصير منا، فان الشيعة في الحواضر والبوادي، يناجون ربهم ويدعونه إلى أن يعجل في اظهار وليه، فهم غير مقصرون في ذلك حتى تكون الغيبة من ناحيتهم.
فإذا وقفت على قضاء العقل على أنه قد خولت أمور السياسة والحكومة والقضاء وفصل الخصومة إلى افراد من هذه الأمة فالقدر المتيقن منها هو الفقيه العادل العارف بشؤون القضاء، وفنون السياسة الدينية الاسلامية، أضف إلى ذلك ما ورد في المأثورات من تعظيم العلماء وتكريمهم وما مدح الله به ورسوله والأئمة عليهم السلام من بعده تلك الطبقة الصالحة من أنهم. ورثة الأنبياء وخلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وامناء الرسل، وحصون الاسلام، وخير خلق الله بعد الأئمة إذا صلحوا، وانهم كأنبياء بني إسرائيل، وانهم كفيل أيتام أهل البيت وان مجارى الأمور بيد العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه، وانهم حكام ملوك الأرض إلى غير ذلك من الكلمات الضافية المطرية، فان كل واحد من هذه الروايات وإن كان قابلا للنقض والابرام في سنده ودلالته، الا ان مجموعها يعطي ان المتيقن من تلك الورثة والخلفاء هو الفقيه على النحو الذي أشرنا إليه.
حول الروايات الواردة في المقام 1 - مقبولة عمر بن حنظلة، رواه المشايخ العظايم، وتلقاها الأصحاب بالقبول بل عليها المدار في باب القضاء كما هو ظاهر لمن أمعن النظر فيه، ودونك متنها: