نشك في حدوث الوجوب النفسي للباقي مقارنا لزوال وجوبه الضمني فالجامع بينهما متيقن فيستصحب حتى يثبت خلافه، و (فيه) انه يشترط في جريانه أن يكون المستصحب حكما شرعيا أو موضوعا ذا اثر شرعي، والجامع بين الوجوبين ليس موضوعا لحكم شرعي كما هو واضح، ولا هو حكم شرعي مجعول، لان المجعول، انما هو كل واحد من الوجوبين، اي ما هو فرد للوجوب بالحمل الشايع واما الجامع بينهما فهو أمر انتزاعي غير مجعول أصلا، فلو حكم الشارع بوجوب الصلاة ووجوب الصوم، فالجامع بينهما غير مجعول، وما هو المجعول انما هو مصداق الجامع الذي يعبر عنه بالفرد وما هو الحكم انما هو مصداق الجامع لا نفسه، وان شئت قلت: ان الجامع بنعت الكثرة حكم شرعي وبنعت الوحدة لم يكن حكما ولا مجعولا فلا يجرى فيه الاستصحاب، على انك قد عرفت ان اتصاف الاجزاء بالوجوب الغيري مما لا معنى له واما اتصافها بالنفسي فسيوافيك ضعفه.
الثاني من وجوه تقرير الاستصحاب، هو استصحاب الوجوب النفسي الشخصي بادعاء ان تعذر بعض الاجزاء مما يتسامح فيه عرفا ولا يصير القضية المتيقنة غير القضية المشكوك فيها وهذا مثل ما إذا وجب اكرام زيد، ثم قطع بعض أعضائه فشككنا في بقاء وجوبه، فلا شك ان عدم الاكرام يعد نقضا عند العرف لما علم سابقا. و (فيه) ان قياس العناوين الكلية بالجزئيات الخارجية قياس مع الفارق، لان العنوان الكلي إذا أضيف إليه جزء أو قيد يعد مغائرا للكلي الفاقد لهما فالانسان العالم مبائن لمطلق الانسان، والصلاة مع السورة غير الصلاة بدونها، والماء المتغير غير الماء، الذي ليس متغيرا، واما الأمور الخارجية فتلك الزيادة والنقيصة لا تصير مبدءا لحصول التبائن بين الفاقد والواجد والسر في ذلك ان ملاك البقاء في الموجودات الخارجية هو بقاء الشخصية والهذية، وهو حاصل لدى العرف بزيادة وصف أو ارتفاعه، فإذا تغير الكر، ثم ذهب تغيره بنفسه، فلا شك في صحة استصحاب نجاسته، لان الموضوع انما هو الماء وهو باق وان شئت قلت: القضية المتيقنة هي نجاسة ذلك الماء وهى عين القضية المشكوك فيها لبقاء الهوهوية عرفا و هذا بخلاف العناوين الكلية، غير المتحققة في الخارج، فان ضم جزء أو قيد به، موجب