في نهايته: معنى قوله: لا ضرر أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه والضرار " فعال " ومن الضرر أي لا يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين، والضرر ابتداء الفعل، والضرار الجزاء عليه، وقيل: الضرر ما تضر صاحبك وتنتفع أنت به والضرار ان تضره من غير أن تنتفع أنت به، وقيل هما بمعني واحد والتكرار للتأكيد، ونقل هذه العبارة بعينها الطريحي في مجمعه، وعن جلال الدين السيوطي وتاج العروس لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه ولا ضرار أي لا يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه.
غير أنه يمكن ان يقال: إن هؤلاء الاعلام مع الاذعان بفضلهم، قد فسروه اخذا بحكم مفاد الباب، فان الأصل في باب المفاعلة: انما هو المجازات، والضرار مصدر من هذا الباب ففسروه بما هو الأصل في مفاد هذه المصادر من غير فحص ولا تتبع عن مظان استعماله في الكتاب والسنة، والشاهد عليه، اتحاد عبائرهم في تفسيره كما عرفت من التاج وما نقله السيوطي، وقد مر ان المجمع اكتفى بنقل ما افاده ابن أثير، ولعل الأساس هو ابن أثير في نهايته وابن منظور في لسانه، وتبعهما الباقون.
ويشهد لضعف ما أفاداه، وقوع كلمة " مضار " في حديث سمرة، فان قوله صلى الله عليه وآله: ما أراك يا سمرة الا مضارا، لا يصح بمعنى المجازات على الضرر أو بمعنى اضرار كل على صاحبه، وهذه الجملة صغرى لقوله: ولا ضرر ولا ضرار، فيلزم اتحاد الكلمتين في المعني، وقد أوضحنا فيما مر عدم ثبوت ورود قوله: لا ضرر ولا ضرار مستقلا، ولم يثبت عندنا صدوره الا في ذيل حديث سمرة، أضف إلى ذلك ما تلوناه من الشواهد فإنك لا تجد فيها موردا استعمل فيما يدعيه الأساتذة ومهرة اللغة، فتحصل: ان الضرر في المقام ما هو المفهوم عرفا منه، من النقص في الأموال والأنفس، والضرار، بمعنى الحرج والتضييق وليس من حديث التأكيد، والمجازات عين ولا اثر.
في توضيح مفاد الهيئة التركيبية وقد وقع مشارا للبحث واختار كل مذهبا واليك نقل ما اختاره الاعلام و توضيح ما فيه.