ونحن نبحث عن هذه المسألة هنا باعتبارها من المبادئ لمسألتنا الأصولية، كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق.
2 - إنه بعد فرض القول بأن للأفعال في حد أنفسها حسنا وقبحا، هل يتمكن العقل من إدراك وجوه الحسن والقبح مستقلا عن تعليم الشارع وبيانه أو لا؟ وعلى تقدير تمكنه هل للمكلف أن يأخذ به بدون بيان الشارع وتعليمه أوليس له ذلك إما مطلقا أو في بعض الموارد؟
وهذه المسألة هي إحدى نقط الخلاف المعروفة بين الأصوليين وجماعة من الأخباريين، وفيها تفصيل من بعضهم على ما يأتي. وهي أيضا ليست من مباحث علم الأصول، ولكنها من المبادئ لمسألتنا الأصولية الآتية، لأ أنه بدون القول بأن العقل يدرك وجود الحسن والقبح لا تتحقق عندنا صغرى القياس التي تكلمنا عنها سابقا.
ولا ينبغي أن يخفى عليكم أن تحرير هذه المسألة سببه المغالطة التي وقعت لبعضهم، وإلا فبعد تحرير المسألة الأولى على وجهها الصحيح - كما سيأتي - لا يبقى مجال لهذا النزاع. فانتظر توضيح ذلك في محله القريب.
3 - إنه بعد فرض أن للأفعال حسنا وقبحا وأن العقل يدرك الحسن والقبح، يصح أن ننتقل إلى التساؤل عما إذا كان العقل يحكم أيضا بالملازمة بين حكمه وحكم الشرع، بمعنى أن العقل إذا حكم بحسن شئ أو قبحه هل يلزم عنده عقلا أن يحكم الشارع على طبق حكمه.
وهذه هي المسألة الأصولية المعبر عنها بمسألة الملازمة التي وقع فيها النزاع، فأنكر الملازمة جملة من الأخباريين (1) وبعض الأصوليين