لا باس بذلك نظرا إلى عدم توقفه على صدق البلوغ وكفاية مجرد احتمال المطلوبية فيه ولو مع اجمال اللفظ وعدم ظهوره في المعنى المراد اما في نفسه أو من جهة اتصاله بما يوجب اجماله أو صرفه عماله من الظهور إلى غيره " نعم " لا اعتبار بقيام القرائن المفصلة على الخلاف، لأنها على ما حقق في محله لا توجب انثلاما لظهور الكلام كالقرائن المتصلة، وانما غاية افتضائها هو المنع عن حجيته خاصة مع بقاء أصل ظهوره على حاله، فلو قام خبر ضعيف على وجوب اكرام العلماء أو استحبابه، وقام خبر آخر على عدم استحباب اكرام النحويين منهم أو كراهته " فعلى " الاستحباب يجرى فيه التسامح ويحكم باستحباب اكرام الجميع نظرا إلى تحقق موضوعه وهو البلوغ بعد عدم انثلام ظهوره في العموم بواسطة ذاك الخاص المنفصل، وكذلك الامر فيما لو كان هناك ما يعارضه بنحو التباين حيث يجري فيه التسامح لتحقق موضوعه الذي هو البلوغ " ولا ينافيه " عدم استحبابه أو كراهته بواسطة ما يعارضه من الخبر الدال على عدم استحبابه " لان " غاية ذلك هي عدم اقتضائه من هذه الجهة لان يكون مشمولا لعمومات الاخبار " لا ان " فيه اقتضاء العدم كي ينافي استحبابه من جهة بلوغ الثواب " هذا إذا " لم يكن الخبر الدال على عدم استحبابه معتبرا في نفسه " وأما إذا " كان معتبرا في نفسه " فقد " يقال بعدم جريان التسامح نظرا إلى اقتضاء دليل تتميم كشفه حينئذ بالغاء احتمال الخلاف للقطع التعبدي بعدم استحبابه " ويلزمه " ارتفاع البلوغ المأخوذ في تلك الأخبار فلا يبقى معه مجال للحكم باستحبابه " ولكنه " مدفوع بأنه لا تنافى بينهما حيث لا يردان النفي والاثبات فيهما على موضوع واحد (بداهة) ان ما تثبته اخبار التسامح انما هو استحباب العمل البالغ عليه الثواب بهذا العنوان أو استحباب ذات العمل لكونه بلغ عليه الثواب على الخلاف المتقدم في كون البلوغ قيدا لموضوع الثواب أو داعيا على العمل وهذا مما لا تنفيه ذلك الدليل المعتبر فان ما ينفيه انما هو استحبابه بعنوانه الأولى، وحينئذ فبعد صدق بلوغ الثواب بالوجدان وعدم اقتضاء ذلك الدليل المعتبر للمنع عن ظهور ما دل على استحبابه " تشمله " تلك الأخبار لا محالة، ولا يكاد انتهاء الامر إلى المعارضة بين دليل حجية تلك الامارة الدالة على عدم الاستحباب وبين تلك الأخبار المثبتة لاستحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب
(٢٨٤)