أصل انشائه ويكون رتبة وجوده متأخرة عن رتبة أصل الخطاب، فكيف يرجع إلى الاطلاقات الواردة في مقام أصل انشائه في دفع ما شك في اعتباره في تنجزه (وفيه) ما لا يخفى إذ نمنع كون الابتلاء بموضوع التكليف من القيود المتأخرة عن الخطاب، بل هو كالقدرة العقلية من الانقسامات السابقة على التكليف والأوصاف العارضة على المكلف قبل التكليف من حيث كونه قادرا في نفسه على ايجاد موضوع التكليف مع قطع النظر عن تعلق التكليف به، فأمكن حينئذ لحاظها في المرتبة السابقة على التكليف كغيرها من القيود الاخر كالاستطاعة والستر والطهارة، فارجاع القدرة حينئذ إلى كونها من شرائط تنجيز الخطاب كالعلم به لا من شرائط نفسه مما لا نفهم له وجها (فان) العلم بالخطاب لكونه من شؤونه وفي رتبة متأخرة عنه غير صالح لتقييد مضمونه، فمن ذلك لا محيص من ارجاعه إلى شرائط تنجيز الخطاب دون نفسه، وأين ذلك من القدرة التي تصلح لتقييد نفس الخطاب في الرتبة السابقة عن تنجزه، ولهذا ترى بناء الأصحاب طرا على الفرق بين العلم والقدرة في صلاحية القدرة لتقييد الخطاب ولو عقلا بخلاف العلم به (نعم) على فرض تسليم كونها من الانقسامات اللاحقة غير الموجبة لتقييد الخطاب بها لا مجال للاشكال عليه بان شرط التنجيز منحصر بالعلم وما يقوم مقامه فلا سبيل إلى دعوى كونها من الشرائط الموجبة للتنجيز (إذ يمكن) دفع ذلك بان المقصود من تنجيز الخطاب انما هو كونه منشئا لاستحقاق العقوبة على المخالفة، وهذا كما أن للوصول دخل فيه كذلك للقدرة دخل فيه، إذ لا يترتب ذلك على مجرد الوصول محضا (ثم لا يخفى) ان صحة التمسك بالاطلاقات انما هو فيما كان الشك في الابتلاء وعدمه من جهة الشبهة في الصدق، واما لو كان ذلك من جهة الشبهة المصداقية فلا يجوز التمسك بها لما حققناه في محله من عدم جواز التمسك بالعمومات والمطلقات في الشبهات المصداقية حتى في المخصصات اللبية إزاحة شبهة قد يقال كما عن بعض انه يلحق بالخروج عن الابتلاء موردان (أحدهما) ماذا كان بعض أطراف العلم الاجمالي مما لا يقدر المكلف على التصرف فيه شرعا كما لو كان ملكا للغير الذي لا يرضى بالتصرف فيه، فالتزم فيه بعدم تأثير العلم الاجمالي بنجاسته أو نجاسة الاخر الذي هو ملكه وتحت تصرفه الا إذا كان في معرض
(٣٤٧)