يرد اشكال، إذ المقصود حينئذ بيان عدم الاعتناء بالشك في الحرمة في هذه الموارد لمكان جعل الحلية الظاهرية فيها بعنوانات مختلفة غير أنه جمع الكل ببيان واحد (لا ان)، المقصود هو انشاء الحلية في الموارد المزبورة بعنوان قاعدة الحلية فتدبر هذه جملة ما استدل به من الاخبار على البراءة وعدم وجوب الاحتياط فيما لا نص فيه في الشبهات ولقد عرفت ظهور بعضها في الدلالة على ذلك بحيث لو فرض تمامية الاخبار الآتية للقول بالاحتياط وقعت المعارضة بينهما (واما الاجماع) فتقريره، تارة باجماع العلماء كافة على أن الحكم فيما لم يرد فيه دليل عقلي أو نقلي على تحريمه من حيث إنه مجهول الحكم هي البراءة، وأخرى باجماعهم على عدم وجوب الاحتياط فيما لم يرد دليل معتبر على حرمته من حيث هو (ولا يخفى ما في كلا التقريرين، فان الأول غير نافع لكونه مساوقا لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان المسلم عند الاخباري أيضا (واما الثاني) فهو أيضا غير تام مع مخالفة الأخباريين وذهابهم إلى وجوب الاحتياط في الشبهة التحريمة الحكمية (مضافا) إلى عدم كشف مثله في المقام عن رأى المعصوم " ع " ولا عن وجود دليل معتبر غير واصل إلينا، فإنه من المحتمل كون منشأ اتفاقهم سائر الأدلة كما يظهر من كلماتهم (نعم) لو فرض مفروغية أصل الحكم عند المجمعين بان كان تمسكهم ببعض الأدلة من قبيل بيان نكتة الشئ بعد وقوعه بحيث لو لم تتم تلك الأدلة لزالوا باقين على حكمهم بالبرائة " كان " للاستدلال به مجال واسع، ولكن الشأن في ثبوت ذلك ولا أقل من الشك فلا يتم الاستدلال به للمطلوب (واما العقل) فحكمه بالبرائة لقبح العقاب بلا بيان واصل إلى المكلف مما لا يكاد لا يخفى (الا) انك عرفت عدم الجدوى للتشبث بهذه الكبرى في محل النزاع لان أصل الكبرى مسلمة عند الفريقين ولا نزاع فيها بينهم وانما النزاع بين المجتهدين والأخباريين في صغراها حيث يدعى الأخباريين منع الصغرى باثبات بيانية أدلة الاحتياط من العلم الاجمالي والاخبار (نعم) لو اغمض عن ذلك لا يرد عليها ما توهم من معارضتها مع قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل بل ورود القاعدة الثانية على الأولى، بدعوى انها بيان عقلي فيرتفع بها موضوع حكم العقل بالقبح (لوضوح) انه مع جريان القاعدة الأولى يقطع بعدم العقوبة والضرر في المشتبه
(٢٣٥)