وكل سبب للمغفرة (1).
وما قيل: (2): " بأن ذلك محمول على أفضلية المسارعة والاستباق، لا على وجوبهما، وإلا لوجب الفور، فلا تتحقق المسارعة والاستباق، لأنهما إنما يتصوران في الموسع دون المضيق، ألا ترى أنه لا يقال لمن قيل له: (صم غدا) فصام -: إنه سارع إليه واستبق، والحاصل أن العرف قاض بأن الاتيان بالمأمور به، في الوقت الذي لا يجوز تأخيره عنه، لا يسمى مسارعة واستباقا، فلابد من حمل الامر في الآيتين على الندب، وإلا لكان مفاد الصيغة فيهما منافيا لما تقتضيه المادة، وذلك ليس بجائز، فتأمل " (3) انتهى كلامه بعبارته.
فوهنه وضعفه ظاهر، لأنه مبني على اشتباه المؤقت بغيره، فإنه توهم أن الواجب الفوري يصير مؤقتا مضيقا كالصوم، وليس كذلك، إذ المؤقت - موسعا كان أو مضيقا - يصير قضاءا بخروج وقته، وقد يسقط به كصلاة العيد، بخلاف غير المؤقت كإزالة النجاسة من المسجد، وقضاء الصلوات اليومية على المشهور، والحج، ونحوها، فإن فيه وإن حصل الاثم بالتأخير، إلا أنه أداء لازم الفعل في كل وقت، فالاستباق والمسارعة يتصوران في المضيق غير الموقت، وقضاء العرف بما ادعاه فيه ظاهر البطلان.
وما توهم من منافاة مادة الامر فيها لصيغته حينئذ - بناءا على أن المادة تقتضي إمكان التأخير، وصورته تقتضي المنع من التأخير - فهو باطل، إذ المادة لا تقتضي إلا كون الفعل أداءا، وصحيحا على تقدير التأخير، ولا تقتضي جواز التأخير ومشروعيته (4).
وهو في غاية الظهور، ولا يبعد كون أمره بالتأمل، إشارة إلى ما ذكرناه.