يبدو لنا من خلالها عدة أمور هامة:
أولا: المكانة العلمية والاجتماعية للمصنف، والتي أهلته لان يقصده بالزيارة سلطان الوقت بنفسه. وهذا مؤشر واضح على سمو مرتبته العلمية والاجتماعية، فان من المعلوم ان سلاطين العصر يزارون ولا يزورون. ولكن تنتقض هذه القاعدة وتخصص بالعلماء الكبار الذين يحتلون المرتبة الدينية العليا ويختصون بلقب المرجع والمقلد والمفتي، فهؤلاء يركع السلاطين على أبوابهم كرامة من الله تعالى لمن يبلغ رسالته ويقوم بأعباء حمل شريعة سيد المرسلين.
وثانيا: تعفف المصنف عن طلب أي أمر دنيوي، مما يعكس لنا اخلاصه التام لله تعالى، والصفاء في النية إليه، وهذا هو شأن علماء الإمامية والطابع العام لهم قاطبة، فقد سجل التأريخ لهم سيرة منزهة عن كل أنواع التقرب والتودد إلى ملوك العصر إلا ما كان من ذلك لمصلحة الدين وحفظ بيضة الاسلام والمسلمين.
وثالثا: اهتمام المصنف بحث المجتمع على تعلم العلوم الإلهية والتفقه في الدين الموصل إلى معرفة الله وطاعته.
يقول التنكابني (1): " ذكر أن الشاه عباس جاء يوما إلى زيارة الآخوند الملا عبد الله التوني، وكان الآخوند التوني قد شيد مدرسة دينية ولكن لم يكن قد التحق بها أحد من الطلاب بعد.
وبعد أن اطلع السلطان على تلك المدرسة وتجول فيها، سأل الملا عبد الله عن السبب في عدم التحاق الطلاب بها وعدم توجه الناس إلى التلمذ فيها، فقال له الملا عبد الله سأجيبك على هذا السؤال فيما بعد.
ثم قام الآخوند بعد ذلك بمدة بزيارة الشاه عباس - ردا له على زيارته - وبعد انتهاء التشريفات والمحادثات، طلب الشاه عباس إلى الآخوند الملا عبد الله بأن يأمره بما يشاء. فرد عليه الآخوند بان ليس له من حاجة. فألح الشاه عباس عليه بذلك. فقال الآخوند إذا كان ولا بد فحاجتي أن أركب وأن تسير ماشيا بين يدي في