أن يحكم كل واحد بتضليل مخالفه وتفسيقه، فلما لم يحكموا بذلك دل على أن مستندهم الخبر، وعلى جواز العمل به.
لا يقال: هذا دليل على أنهم غير معاقبين على العمل به، وعدم العقاب لا يدل على كونه حقا.
لأنا نقول: الجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: أن الغرض في جواز العمل بهذه الاخبار انما هو ارتفاع الفسق وارتفاع العقاب.
[و] الثاني: أنه لو كان العمل بها خطأ، لما جاز الاعلام بالعفو عن فعله لان ذلك يكون اغراءا بالقبيح.
الوجه الثالث: اعتناء الطائفة بالرجال، وتمييز العدل من المجروح، والثقة من الضعيف، والفرق بين من يعتمد على حديثه ومن لا يعتمد، وكونهم إذا اختلفوا في خبر نظروا في سنده، وذلك يدل على العمل بهذه الاخبار، لأنهم لو لم يعملوا بها لما كان لشروعهم في ذلك فائدة.
المسألة الرابعة: قد يقترن بخبر الواحد قرائن تدل على صدق مضمونه وان كانت غير دالة على صدق الخبر نفسه لجواز اختلافه مطابقا لتلك القرينة والقرائن أربع: إحداها أن يكون موافقا لدلالة العقل، أو لنص الكتاب خصوصه أو عمومه أو فحواه، أو السنة المقطوع بها، أو لما حصل الاجماع عليه.
وإذا تجرد عن القرائن الدالة على صدقه، ولم يوجد ما يدل على خلاف متضمنه، افتقر العمل به إلى اعتبار شروط نذكرها في الفصول المعقبة [لهذه]