الثاني: قوله تعالى: " ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " (1).
ووجه الدلالة: انه أمر بالتبين عند كونه فاسقا، (فوجب) (2) أن لا يحصل وجوب التبين عند عدمه، والا لما كان لتعليق التبين على الفسوق فائدة.
الثالث: انه عليه السلام كان يبعث رسله إلى البلدان والقبائل، وهم آحاد، و يوجب على المرسل إليهم القبول من المرسل.
الرابع: أجمعت الصحابة على العمل بخبر الواحد، واجماع الصحابة حجه، أما انهم أجمعوا فلأنهم رجعوا إلى أزواج النبي صلى الله عليه وآله في الغسل من التقاء الختانين، ورجع أبو بكر في توريث الجدة إلى خبر المغيرة، ورجع عمر إلى رواية عبد الرحمن في سيرة المجوس بقوله: " سيروا بهم سنة أهل الكتاب "، ومنع من توريث المرأة من دية زوجها، ورجع عن ذلك بخبر الضحاك بن قيس، وعن علي عليه السلام: " كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني، فإذا حدثني به غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته "، وعمل علي عليه السلام بخبر المقداد في المذي، وهذه الأخبار وان كانت آحادا، فان معناها متواتر، كما يعلم كرم حاتم، وشجاعة عمرو، وان كانت مفردات أخبارهما آحادا.
لا يقال: لم لا يجوز أن تكون الصحابة عملت عند هذه الأخبار، لا بها؟
لأنا نقول: لو عملوا لا بها، لوجب نقل ذلك الموجب للعمل دينا وعادة لان الجماعة إذا مستهم الحاجة إلى كشف ملتبس ظهر منهم الاستبشار عند وضوحه، والتعجب من حصوله، فيظهر لا محالة، ولو صح من الواحد ستره لما استمر (3) في الجماعة كلهم، ولكان يحدوهم الدين إلى اظهار السبب الموجب