وقد كنا اعتمدنا في بعض كتبنا عند الكلام على هذه الطريقة على أن التكليف بلا أمارة مميزة متقدمة قبيح، وإن علم المكلف أن المكلف (1) تتفق (2) الإصابة منه، وضربنا لذلك المثل بمن كلف غيره أن يخبره بما في البيت من غير أمارة.
ويمكن أن يعترض على هذه الطريقة بأن العلم بالعواقب فينا متعذر، وأكثر ما يحصل لنا غالب الظن، وليس يقوم هيهنا الظن مقام العلم، ولو علمنا العاقبة (3)، وأنه لا يختار إلا الصواب، حسن التكليف.
فإن قيل: حكم ما يقع به التمييز للمكلف حكم القدرة والتمكن في وجوب تقديم ذلك (4) على وقوع الفعل.
قلنا: يمكن أن يقال: إن الذي يقع به التمكن في الموضع الذي ذكرناه أيضا متقدم، وهو إعلام الله تعالى له أنه لا يختار إلا الحسن، وما فيه المصلحة، وهذا دليل متقدم يقع به التميز.