مائة الف أو يزيدون وقيل استنبأه ان صح أنه لم يكن نبيا قبل هذه الواقعة «فجعله من الصالحين» من الكاملين في الصلاح بأن عصمه من أن يفعل فعلا يكون تركه أولى روي أنها نزلت بأحد حين هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المنهزمين من المؤمنين وقيل حين أراد ان يدعو على ثقيف «وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم» وقرئ ليزلقونك بفتح الياء من زلقه بمعنى أزلقه ويزهقونك وان هي المخففة واللام دليلها والمعنى أنهم من شدة عداوتهم لك ينظرون إليك شزرا بحيث يكادون يزلون قدمك فيرمونك من قولهم نظر إلى نظرا يكاد يصر عني اي لو أمكنه بنظره الصرع لفعله أو أنهم يكادون يصيبونك بالعين إذ قد روي أنه كان في بني أسد عيانون فأراد بعضهم أن يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت وفي الحديث ان العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر ولعله من خصائص بعض النفوس وعن الحسن دواء الإصابة بالعين ان تقرأ هذه الآية «لما سمعوا الذكر» أي وقت سماعهم بالقرآن على أن لما ظرفية منصوبة بيزلقونك وذلك لاشتداد بغضهم وحسدهم عند سماعه «ويقولون» لغاية حيرتهم في أمره عليه الصلاة والسلام ونهاية جهلهم بما في تضاعيف القرآن من تعاجيب الحكم وبدائع العلوم المحجوبة عن العقول المنغمسة بأحكام الطبائع ولتنفير الناس عنه «إنه لمجنون» وحيث كان مدار حكمهم الباطل ما سمعوه منه عليه الصلاة والسلام رد ذلك ببيان علو شأنه وسطوع برهانه فقيل «وما هو إلا ذكر للعالمين» على أنه حال من فاعل يقولون مفيدة لغاية بطلان قولهم وتعجيب السامعين من جرأتهم على تفوه تلك العظيمة أي يقولون ذلك والحال أنه ذكر للعالمين أي تذكير وبيان لجميع ما يحتاجون اليه من أمور دينهم فأين من أنزل عليه ذلك وهو مطلع على أسراره طرأ ومحيط بجميع حقائقه خبرا مما قالوا وقيل معناه شرف وفضل لقوله تعالى وانه لذكر لك ولقومك وقيل الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكونه مذكرا وشرفا للعالمين لا ريب فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة القلم أعطاه الله ثواب الذين حسن الله أخلاقهم
(٢٠)