تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٥٥
أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثمة وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال هي ارم ذات العماد وسيد خلها رجل من المسلمين في زمانك احمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له ثم التفت إلى ابن قلابة فقال هذا والله ذلك الرجل التي لم يخلق مثلها في البلاد صفة أخرى لإرم أي لم يخلق مثلهم في عظم الاجرام والقوة حيث كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع وكان يأتي الصخرة العظيمة فيحملها ويلقيها على الحي فيهلكهم أو لم يخلق مثل مدينة شداد في جميع بلاد الدنيا وقرئ لم يخلق على اسناده إلى الله تعالى وثمود عطف على عاد وهي قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما ابنا عامر بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام وكانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك وكانوا يعبدون الأصنام كعاد الذين جابوا الصخر بالواد أي قطعوا صخر الجبال فاتخذوا فيها بيوتا نحتوها من الصخر كقوله تعالى «وتنحتون من الجبال بيوتا» قيل هم أول من نحت الجبال والصخور والرخام وقد بنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة وفرعون ذي الأوتاد وصف بذلك لكثرة جنوده وخيامهم التي يضربونها في منازلهم أو لتعذيبه بالأوتاد الذين طغوا في البلاد اما مجرور على أنه صفة للمذكورين أو منصوب أو مرفوع على الذم اي طغى كل طائفة منهم في بلادهم وكذا الكلام في قوله تعالى فأكثروا فيها الفساد اي بالكفر وسائر المعاصي فصب عليهم ربك اي انزل انزالا شديدا على كل طائفة من أولئك الطوائف عقيب ما فعلته من الطغيان والفساد سوط عذاب اي عذاب شديد لا يدرك غايته وهو عبارة عما حل بكل منهم من فنون العذاب التي شرحت في سائر السور الكريمة وتسميته سوطا للإشارة إلى أن ذلك بالنسبة إلى ما أعد لهم في الآخرة بمنزلة السوط عند السيف والتعبير عن انزاله بالصب للايذان بكثرته واستمراره وتتابعه فإنه عبارة عن إراقة شيء مائع أو جار مجراه في السيلان كالرمل والحبوب وافراغه بشدة وكثرة واستمرار ونسبته إلى السوط مع أنه ليس من ذلك القبيل باعتبار تشبيهه في نزوله المتتابع المتدارك على المضروب بقطرات الشيء المصبوب وقيل السوط
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة