تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٥٧
معنى الانسان إذ المراد هو الجنس أي بل لكم أحوال أشد شرا مما ذكر وأدل على تهالككم على المال حيث يكرمكم الله تعالى بكثرة المال فلا تؤدون ما يلزمكم فيه من اكرام اليتيم بالمبرة به وقرئ لا يكرمون ولا تحاضون بحذف احدى التاءين من تتحاضون أي لا يحض بعضكم بعضا على طعام المسكين أي على اطعامه وقرئ تحاضون من المحاضة وقرئ يحضون بالياء والتاء وتأكلون التراث أي الميراث وأصله وارث أكلا لما أي ذا لم أي جمع بين الحلال والحرام فإنهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان ويأكلون أنصباءهم أو يأكلون ما جمعه المورث من حلال وحرام عالمين بذلك وتحبون المال حبا جما كثيرا مع حرص وشره وقرئ يحبون بالياء كلا ردع لهم عن ذلك وقوله تعالى إذا دكت الأرض دكا دكا الخ استئناف جيء به بطريق الوعيد تعليلا للردع اي إذا دكت الأرض دكا متتابعا حتى انكسر وذهب كل ما على وجهها من جبال وأبنية وقصور حين زلزلت وصارت هباء منبثا وقيل الدك حط المرتفع بالبسط والتسوية فالمعنى إذا سويت تسوية بعد تسوية ولم يبق على وجهها شيء حتى صارت كالصخرة الملساء وأيا ما كان فهو عبارة عما عرض لها عند النفخة الثانية وجاء ربك أي ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان من أحكام هيبته وسياسته وقيل جاء أمره تعالى وقضاؤه على حذف المضاف للتهويل والملك صفا صفا أي مصطفين أو ذوي صفوف فإنه ينزل يومئذ ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف بحسب منازلهم ومراتبهم محدقين بالجن والانس وجئ يومئذ بجهنم كقوله تعالى وبرزت الجحيم قال ابن مسعود ومقاتل تقاد جهنم بسبعين الف زمام كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها حتى تنصب عن يسار العرش لها تغيظ وزفير وقد رواه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود مرفوعا يومئذ بدل من إذا دكت والعامل فيهما قوله تعالى يتذكر الانسان أي يتذكر ما فرط فيه بتفاصيله بمشاهدة آثاره وأحكامه أو بمعاينة عينه على أن الأعمال تتجسم في النشأة الآخرة فيبرز كل من الحسنات والسيئات بما يناسبها من الصور الحسنة
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة