وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود أي يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأن أحدا لم يقصر فيما أمر به أو انهم شهود يشهدون بما فعلوا بالمؤمنين يوم القيامة يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وقيل على بمعنى مع والمعنى وهم مع ما يفعلون بالمؤمنين من العذاب حضور لا يرقون لهم لغاية قسوة قلوبهم هذا هو الذي يستدعيه النظم الكريم وتنطق به الروايات المشهورة وقد روي أن الجبابرة لما ألقوا المؤمنين في النار وهم قعود حولها علقت بهم النار فأحرقتهم ونجى الله عز وجل المؤمنين منها سالمين والى هذا القول ذهب الربيع بن أنس والواحدي وعلى ذلك حملا قوله تعالى ولهم عذاب الحريق وما نقموا منهم أي ما أنكروا منهم وما عابوا الا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد استئناف مفصح عن براءتهم عما يعاب وينكر بالكلية على منهاج قوله ولا عيب فيهم غير أن ضيوفهم تلام بنسيان الأحبة والوطن ووصفه تعالى بكونه عزيزا غالبا يخشى عقابه وحميدا منعما يرجى ثوابه وتأكيد ذلك بقوله تعالى الذي له ملك السماوات والأرض للاشعار بمناط ايمانهم وقوله تعالى والله على كل شيء شهيد وعد لهم ووعيد شديد لمعذبيهم فان علمه تعالى بجميع الأشياء التي من جملتها اعمال الفريقين يستدعى توفير جزاء كل منهما حتما ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات اي محنوهم في دينهم ليرجعوا عنه والمراد بهم اما أصحاب الأخدود خاصة وبالمفتونين المطرحون في الأخدود وأما الذين بلوهم في ذلك بالأذية والتعذيب على الاطلاق وهم داخلون في جملتهم دخولا أوليا ثم لم يتوبوا أي عن كفرهم وفتنتهم فان ما ذكر من الفتنة في الدين لا يتصور من غير الكافر قطعا وقوله تعالى فلهم عذاب جهنم حملة وقت خبرا لأن أو الخبر لهم وعذاب مرتفع به على الفاعلية وهو الأحسن والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ولا ضير في نسخه بأن وان خالف الأخفش والمعنى لهم في الآخرة عذاب جهنم بسبب كفرهم ولهم عذاب الحريق وهي نار أخرى عظيمة بسبب فتنتهم للمؤمنين ان لذين آمنوا وعملوا
(١٣٧)