تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٤١
ذكر من تأكيد فخامة المقسم به المستتبع لتأكيد مضمون الجملة المقسم عليها وإن نافية ولما بمعنى إلا أي ما كل نفس إلا عليها حافظ مهيمن رقيب وهو الله عز وجل كما في قوله تعالى وكان الله على كل شيء رقيبا وقيل هو من يحفظ عملها ويحصي تعالى «وإن عليكم لحافظين كراما» الآية وقوله تعالى «ويرسل عليكم حفظة» وقوله تعالى «له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه» وقرئ لما مخففه على أن ان مخففة من الثقيلة واسمها الذي هو ضمير الشأن محذوف واللام هي الفارقة وما مزيدة أي ان الشأن كل نفس لعليها حافظ والفاء في قوله تعالى فلينظر الانسان مم خلق للتنبيه على أن ما بين من أن كل نفس عليها حافظ يحصى عليها كل ما يصدر عنها من قول وفعل مستوجب على الانسان أن يتفكر في مبدأ فطرته حق التفكر حتى يتضح له أن من قدر على انشائه من مواد لم تشم رائحة الحياة قط فهو قادر على اعادته بل أقدر على قياس العقل فيعمل ليوم الإعادة والجزاء ما ينفعه يومئذ ويجديه ولا يملي على حافظه ما يرد به وقوله تعالى خلق من ماء دافق استئناف وقع جوابا عن استفهام مقدر كأنه قيل مم خلق فقيل خلق من ماء ذي دفق وهو صب فيه دفع وسيلان بسرعة والمراد به الممتزج من الماءين في الرحم كما ينبئ عنه قوله تعالى يخرج من بين الصلب والترائب اي صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام صدرها قالوا ان النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند البيضتين فالدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ولذلك تشبهه ويورث الافراط في الجماع الضعف فيه وله خليفة هي النخاع وهو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر وقرئ الصلب بفتحتين والصلب بضمتين وفيه لغة رابعة هي صالب انه الضمير للخالق تعالى فان قوله خلق يدل عليه أي ان ذلك الذي خلقه ابتداء مما ذكر على رجعه اي على اعادته بعد موته لقادر لبين القدرة يوم تبلى السرائر اي يتعرف ويتصفح ما أسر في القلوب من العقائد والنيات وغيرها وما اخفى من الأعمال ويميز بين ما طاب منها وما خبث وهو
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة