تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٨٦
تلا الآية قال له ابن الزبعرى خصمتك ورب الكعبة أليست اليهود عبدوا عزيزا والنصارى المسيح وبنو مليح الملائكة رد عليه بقوله صلى الله عليه وسلم ما أجهلك بلغة قومك أما فهمت أن ما لما لا يعقل ولا يعارضه ما روى إنه صلى الله عليه وسلم رده بقوله بل هم عبدوا الشياطين التي امرتهم بذلك ولا ما روى أن ابن الزبعرى قال هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عبد من دون الله فقال صلى الله عليه وسلم بل لكل من عبد من دون الله تعالى إذ ليس شيء منهما نصا في عموم كلمة ما كما أن الأول نص في خصوصها وشمول حكم النص لا يقتضى شموله بطريق العبارة بل يكفي في ذلك شموله لهم بطريق دلالة النص بجامع الشركة في المعبودية من دون الله تعالى فعلله صلى الله عليه وسلم بعدما بين مدلول النظم الكريم بما ذكر وعدم دخول المذكورين في حكمه بطريق العبارة بين عدم دخولهم فيه بطريق الدلالة أيضا تأكيدا للرد والإلزام وتكريرا للتبكيت والإفحام لكن لا باعتبار كونهم معبودين لهم كما هو زعمهم فإن إخراج بعض المعبودين عن حكم منبىء عن الغضب على العبدة والمعبودين مما يوهم الرخصة في عبادته في الجملة بل بتحقيق الحق وبيان أنهم ليسوا من العبودية في شيء حتى يتوهم دخولهم في الحكم المذكور دلالة بموجب شركتهم للأصنام في المعبودية من دون الله تعالى وإنما معبودهم الشياطين التي أمرتهم بعبادتهم كما نطق به قوله تعالى سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن الآية فهم الداخلون في الحكم المذكور لاشتراكهم مع الأصنام في المعبودية من دونه تعالى دون المذكورين عليهم السلام وهذا هو الوجه في التوفيق بين الإخبار المذكورة وأما تعميم كلمة ما للعقلاء أيضا وجعل ما سيأتي من قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الخ بيانا للتجوز أو التخصيص فما لا يساعده السباق والسياق كما يشهد به الذوق السليم والحصب ما يرمى به ويهيج به النار من حصبه إذا رماه بالحصباء وقرئ بسكون الصاد وصفا له بالمصدر للمبالغة «أنتم لها واردون» استئناف أو بدل من حصب جهنم واللام معوضة من على الدلالة على الاختصاص وأن وردهم لأجلها والخطاب لهم ولما يعبدون تغليبا «لو كان هؤلاء» أي أصنامهم «آلهة» كما يزعمون «ما وردوها» وحيث تبين ورودهم إياها تعين امتناع كونها آلهة بالضرورة وهذا كما ترى صريح في أن المراد بما يعبدون هي الأصنام لأن المراد إثبات نقيض ما يدعونه وهم إنما يدعون إلهية الأصنام لا إلهية الشياطين حتى يحت بوردها النار على عدم إلهيتها وأما ما وقع في الحديث الشريف فقد وقع بطريق التكملة بإنجرار الكلام إليه عند بيان ما سيق له النظم الكريم بطريق العبارة حيث سأل ابن الزبعرى عن حال سائر المعبودين وكان الاقتصار على الجواب الأول مما يوهم الرخصة في عبادتهم في الجملة لأنهم المعبودون عندهم أجيب بيان أن المعبودين هم الشياطين وأنهم داخلون في حكم النص لكن بطريق العبارة لئلا يلزم التدافع بين الخبرين «وكل» أي من العبدة والمعبودين «فيها خالدون» لاخلاص لهم عنها «لهم فيها زفير» أي أنين وتنفس شديد وهو مع كونه من أفعال العبدة أضيف إلى الكل للتغليب ويجوز أن يكون الضمير
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300