تلا الآية قال له ابن الزبعرى خصمتك ورب الكعبة أليست اليهود عبدوا عزيزا والنصارى المسيح وبنو مليح الملائكة رد عليه بقوله صلى الله عليه وسلم ما أجهلك بلغة قومك أما فهمت أن ما لما لا يعقل ولا يعارضه ما روى إنه صلى الله عليه وسلم رده بقوله بل هم عبدوا الشياطين التي امرتهم بذلك ولا ما روى أن ابن الزبعرى قال هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عبد من دون الله فقال صلى الله عليه وسلم بل لكل من عبد من دون الله تعالى إذ ليس شيء منهما نصا في عموم كلمة ما كما أن الأول نص في خصوصها وشمول حكم النص لا يقتضى شموله بطريق العبارة بل يكفي في ذلك شموله لهم بطريق دلالة النص بجامع الشركة في المعبودية من دون الله تعالى فعلله صلى الله عليه وسلم بعدما بين مدلول النظم الكريم بما ذكر وعدم دخول المذكورين في حكمه بطريق العبارة بين عدم دخولهم فيه بطريق الدلالة أيضا تأكيدا للرد والإلزام وتكريرا للتبكيت والإفحام لكن لا باعتبار كونهم معبودين لهم كما هو زعمهم فإن إخراج بعض المعبودين عن حكم منبىء عن الغضب على العبدة والمعبودين مما يوهم الرخصة في عبادته في الجملة بل بتحقيق الحق وبيان أنهم ليسوا من العبودية في شيء حتى يتوهم دخولهم في الحكم المذكور دلالة بموجب شركتهم للأصنام في المعبودية من دون الله تعالى وإنما معبودهم الشياطين التي أمرتهم بعبادتهم كما نطق به قوله تعالى سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن الآية فهم الداخلون في الحكم المذكور لاشتراكهم مع الأصنام في المعبودية من دونه تعالى دون المذكورين عليهم السلام وهذا هو الوجه في التوفيق بين الإخبار المذكورة وأما تعميم كلمة ما للعقلاء أيضا وجعل ما سيأتي من قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الخ بيانا للتجوز أو التخصيص فما لا يساعده السباق والسياق كما يشهد به الذوق السليم والحصب ما يرمى به ويهيج به النار من حصبه إذا رماه بالحصباء وقرئ بسكون الصاد وصفا له بالمصدر للمبالغة «أنتم لها واردون» استئناف أو بدل من حصب جهنم واللام معوضة من على الدلالة على الاختصاص وأن وردهم لأجلها والخطاب لهم ولما يعبدون تغليبا «لو كان هؤلاء» أي أصنامهم «آلهة» كما يزعمون «ما وردوها» وحيث تبين ورودهم إياها تعين امتناع كونها آلهة بالضرورة وهذا كما ترى صريح في أن المراد بما يعبدون هي الأصنام لأن المراد إثبات نقيض ما يدعونه وهم إنما يدعون إلهية الأصنام لا إلهية الشياطين حتى يحت بوردها النار على عدم إلهيتها وأما ما وقع في الحديث الشريف فقد وقع بطريق التكملة بإنجرار الكلام إليه عند بيان ما سيق له النظم الكريم بطريق العبارة حيث سأل ابن الزبعرى عن حال سائر المعبودين وكان الاقتصار على الجواب الأول مما يوهم الرخصة في عبادتهم في الجملة لأنهم المعبودون عندهم أجيب بيان أن المعبودين هم الشياطين وأنهم داخلون في حكم النص لكن بطريق العبارة لئلا يلزم التدافع بين الخبرين «وكل» أي من العبدة والمعبودين «فيها خالدون» لاخلاص لهم عنها «لهم فيها زفير» أي أنين وتنفس شديد وهو مع كونه من أفعال العبدة أضيف إلى الكل للتغليب ويجوز أن يكون الضمير
(٨٦)