الشأم وأما الأوليان فلأنهما وقعتا مكتنفتين بكسر الأصنام ومن البين أن جريان هذه المقالات فيما بينهم كان في مبادئ الأمر تعليق مغفرة الخطيئة بيوم الدين مع أنها إنما تغفر الدنيا لأن أثرها يومئذ يتبين ولأن في ذلك تهويلا له وإشارة إلى وقوع الجزاء فيه إن لم تغفر «رب هب لي حكما» بعد ما ذكر عليه الصلاة والسلام لهم فنون الألطاف الفائضة عليه من الله عز وجل من مبدأ خلقه إلى يوم بعثه حملة ذلك على مناجاته تعالى ودعائه لربط العتيد وجلب المزيد والحكم الحكمة التي هي الكمال في العلم والعمل بحيث يتمكن به من خلافة الحق ورياسة الخلق «وألحقني بالصالحين» ووفقني من العلوم والأعمال والملكات لما يرشحني للإنتظام في زمرة الكاملين الراسخين في الصلاح المنزهين عن كبائر الذنوب وصغائرها أو اجمع بيني وبينهم في الجنة ولقد أجابه تعالى حيث قال وإنه في الآخرة لمن الصالحين «واجعل لي لسان صدق في الآخرين» أي جاها وحسن صيت في الدنيا بحيث يبقى أثره إلى يوم الدين ولذلك لا ترى أمة من الأمم إلا وهي محبة له ومثنية عليه أو صادقا من ذريتي يحدد أصل ديني ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم إليه من التوحيد وهو النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم أنا دعوة أبي إبراهيم «واجعلني» في الآخرة «من ورثة جنة النعيم» وقد مر معنى الوراثة في سورة مريم «واغفر لأبي» بالهداية والتوفيق للإيمان كما يلوح به تعليله بقوله «إنه كان من الضالين» أي طريق الحق وقد مر تحقيق المقام في تفسير سورة التوبة وسورة مريم بما لا مزيد عليه «ولا تخزني» بمعاتبتي على ما فرطت أو ينقص رتبتي عن بعض الوراث أو بتعذيبي لخفاء العاقبة وجواز التعذيب عقلا كل ذلك مبني على هضم النفس منه عليه الصلاة والسلام أو بتعذيب ولدي أو يبعثه في عداد الضالين بعدم توفيقه للإيمان وهو من الخزي بمعنى الهوان أو من الخزاية بمعنى الحياء «يوم يبعثون» أي الناس كافة والإضمار قبل الذكر لما في عموم البعث من الشهرة الفاشية المغنية عنه وتخصيصه بالضالين مما يخل بتهويل اليوم «يوم لا ينفع مال ولا بنون» بدل من يوم يبعثون جيء به تأكيدا للتهويل وتمهيدا لما يعقبه من الاستثناء وهو من أعم المفاعيل أي
(٢٥٠)