«فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف» أي تبتلع بسرعة وقرئ تلقف بحذق إحدى التأمين من تتلقف «ما يأفكون» أي ما يقلبونه من وجهه وصورته بتمويههم وتزويرهم فيخيلون حبالهم وعصيهم أنها حيات تسعى أو إفكهم تسمية للمأفوك به مبالغة «فألقي السحرة ساجدين» أي إثر ما شاهدوا ذلك من غير تلعثم وتردد غير متمالكين كأن ملقيا ألقاهم لعلمهم بأن مثل ذلك خارج عن حدود السحر وأنه أمر إلهي قد ظهر على يده عليه الصلاة والسلام لتصديقه وفيه دليل على أن قصارى ما ينتهي إليه همم السحرة هو التمويه والتزوير تخييل شيء لا حقيقة له «قالوا آمنا برب العالمين» بدل اشتمال من ألقى أو حال بإضمار قد وقوله تعالى «رب موسى وهارون» بدل من رب العالمين للتوضيح ودفع توهم إرادة فرعون حيث كان قومه الجهلة يسمونه بذلك والإشعار بأن الموجب لإيمانهم به تعالى ما أجراه على أيديهما من المعجزة القاهرة «قال» أي فرعون للسحرة «آمنتم له قبل أن آذن لكم» أي بغير أن آذان لكم كما في قوله تعالى لنقد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي لا أن الإذن منه ممكن أو متوقع «إنه لكبيركم الذي علمكم السحر» فتواطأتم على ما فعلتم أو علمكم شيئا دون شيء ولذلك غلبكم أراد بذلك التلبيس على قومه كيلا يعتقدوا أنهم آمنوا عن بصيرة وظهور حق وقرئ أآمنتم بهمزتين «فلسوف تعلمون» أي وبال ما فعلتم وقوله «لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين» بيان لما أو عدهم به «قالوا» أي السحرة «لا ضير» لا ضرر فيه علينا وقوله تعالى «إنا إلى ربنا منقلبون» تعليل لعدم الضير أي لا ضير في ذلك بل لنا فيه نفع عظيم لما يحصل لنا في الصبر عليه لوجه الله تعالى من تكفير الخطايا والثواب العظيم أو لا ضير علينا فيما تتوعدنا به من القتل أنه لا بد لنا من الانقلاب إلى ربنا بسبب من أسباب الموت والقتل أهونها وأرجاها وقوله تعالى «إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا» أي لأن كنا «أول المؤمنين» أي من أتباع فرعون أو من أهل المشهد تعليل
(٢٤٣)