لا ينفع مال وإن كان مصروفا في الدنيا إلى وجوه البر والخيرات ولا بنون وإن كانوا صلحاء مستأهلين للشفاعة أحدا «إلا من أتى الله بقلب سليم» أي عن مرض الكفر والنفاق ضرورة اشتراط نفع كل منهما بالإيمان وفيه تأييد لكون استغفاره عليه الصلاة والسلام لأبيه طلبا لهدايته إلى الإيمان لاستحالة طلب مغفرته بعد موته كافرا مع علمه عليه الصلاة والسلام بعدم نفعه لأنه من باب الشفاعة وقيل هو استثناء من فاعل ينفع بتقدير المضاف أي إلا مال من أو بنو من أتى الله الآية وقيل المضاف المحذوف ليس من جنس المستثنى منه حقيقة بل بضرب من الاعتبار كما في قوله تحية بينهم ضرب وجيع أي إلا حال من أتى الله بقلب سليم على أنها عبارة عن سلامة القلب كأنه قيل إلا سلامة قلب من أتى الله الآية وقيل المضاف المحذوف ما دل عليه المال والبنون من الغنى وهو المستثنى منه كأنه قيل يوم لا ينفع غنى إلا غنى من أتى الله الآية لأن غنى المرء في دينه بسلامة قلبه وقيل الاستثناء منقطع والمعنى لكن سلامة قلبه تنفعه «وأزلفت الجنة للمتقين» عطف على لا ينفع وصيغة الماضي فيه وفيما بعده من الجمل المنتظمة معه في سلك العطف للدلالة على تحقق الوقوع وتقرره كما أن صيغة المضارع في المعطوف عليه للدلالة على استمرار انتفاء النفع ودوامه حسبما يقتضيه مقام التهويل والتفظيع أي قربت الجنة للمتقين عن الكفر والمعاصي بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن فيبتهجون بأنهم المحشورون إليها «وبرزت الجحيم للغاوين» الضالين عن طريق الحق الذي هو الإيمان والتقوى أي جعلت بارزة لهم بحيث يرونها مع ما فيها من أنواع الأحوال الهائلة ويوقنون بأنهم مواقعوها ولا يجدون عنها مصرفا «قيل لهم أين ما كنتم» في الدنيا «ما تعبدون» «من دون الله» أي أين آلهتكم الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شفعاؤكم في هذا الموقف «هل ينصرونكم» بدفع العذاب عنكم «أو ينتصرون» بدفعه عن أنفسهم وهذا سؤال تقريع وتبكيت لا يتوقع له جواب ولذلك قيل «فكبكبوا فيها» أي ألقوا في الجحيم على وجوههم مرة بعد أرى إلى أن يستقروا في قعرها «هم» أي آلهتهم «والغاوون» الذين كانوا يعبدونهم وفي تأخير
(٢٥١)