تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٤٠
وتنبيها على جهلهم وعدم فهمهم لمعنى مقالته فإن بيان ربوبيته تعالى للسموات والأرض وما بينهما وإن كان متضمنا لبيان ربوبيته تعالى للخافقين وما بينهما لكن لما لم يكن فيه تصريح باستناد حركات السماوات وما فيها وتغيرات أحوالها وأوضاعها وكون الأرض تارة مظلمة وأخرى منورة إلى الله تعالى أرشدهم إلى طريق معرفة ربوبيته تعالى لما ذكر فإن ذكر المشرق والمغرب منبىء عن شروق الشمس وغروبها المنوطين بحركات السماوات وما فيها على نمط بديع بترتيب عليه هذه الأوضاع الرصينة وكل ذلك أمور حادثة مفتقرة إلى محدث قادر عليم حكيم لا كذوات السماوات والأرض التي ربما يتوهم جهلة المتوهمين باستمرارها استغناءها عن الموجد المتصرف «إن كنتم تعقلون» أي أن كنتم تعقلون شيئا من الأشياء أو إن كنتم من أهل العقل علمتم أن الأمر كما قتله وفيه إيذان بغاية وضوح الأمر بحيث لا يشتبه على من له عقل في الجملة وتلويح بأنهم بمعزل من دائرة العقل وأنهم المتصفون بما رموه عليه الصلاة والسلام به من الجنون «قال» لما سمع اللعين منه عليه الصلاة والسلام تلك المقالات المبنية على أساس الحكم البالغة وشاهد شدة حزمه وقوة عزمه على تمشية أمره وأنه ممن لا يجاري في حلبة المجاورة ضرب صفحا عن عن المقاولة بالإنصاف ونأى بجانبه إلى عدوة الجور والاعتساف فقال مظهرا لما كان يضمره عند السؤال والجواب «لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين» لم يقتنع منه عليه الصلاة والسلام بترك دعوى الرسالة وعدم التعرض له حتى كلفه عليه الصلاة والسلام أن يتخذه إلها لغاية عتوه وغلوه فيما فيه من دعوى الألوهية وهذا صريح في أن تعجبه وتعجيبه من الجواب الأول ونسبته عليه الصلاة والسلام إلى الجنون في الجواب الثاني كان لنسبته عليه الصلاة والسلام الربوبية إلى غيره وأما ما قيل من أن سؤاله كان عن حقيقة المرسل وتعجبه من جوابه كان لعدم مطابقته له لكونه بذكر أحواله فلا يساعده النظم الكريم ولا حال فرعون ولا مقالة واللام في المسجونين للعهد أي لأجعلنك ممن عرفت أحوالهم في سجوني حيث كان يطرحهم في هوة عميقة حتى يموتوا ولذلك لم يقل لأسجننك «قال أولو جئتك بشيء مبين» أي أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشيء مبين أي موضح لصدق دعو اى يريد به المعجزة فإنها جامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته وبين الدلالة على صدق دعوى من ظهرت على يده والتغيير عنها بالشيء للتهويل قالوا الواو في أولو جئتك للحال دخلت عليها همزة الاستفهام أي جائيا بشيء مبين وقد سلف منا مرار أنها للعطف وأن كلمة لو ليست لإنتفاء الشيء في الزمان الماضي لإنتفاء غيره فيه فلا يلاحظ لها جواب قد حذف تعويلا على دلالة ما قبلها عليه ملاحظة قصدية إلا عند القصد إلى بيان الإعراب على القواعد الصناعية بل هي لبيان تحقق ما يفيده الكلام السابق من حكم الموجب أو المنفى على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الإجمالي بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300