أجانب ليسوا كسائر الأجانب بسبب اعتيادهم الدخول أي إذا بلغ الأطفال الأحرار الأجانب «فليستأذنوا» إذا أرادوا الدخول عليكم وقوله تعالى «كما استأذن الذين من قبلهم» في حيز النصب على أنه نعت لمصدر مؤكد للفعل السابق والموصول عبارة عمن قيل لهم لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا الآية ووصفهم بكونهم قبل هؤلاء باعتبار ذكرهم قبل ذكرهم لا باعتبار بلوغهم قبل بلوغهم كما قيل لما أن المقصود بالتشبيه بيان كيفية استئذان هؤلاء وزيادة إيضاحه ولا يتسنى ذلك إلا بتشبيهه باستئذان المعهودين عند السامع ولا ريب في أن بلوغهم قبل بولغ هؤلاء مما لا يخطر ببال أحد وإن كان الأمر كذلك في الواقع وإنما المعهود المعروف ذكرهم قبل ذكرهم أي فليستأذنوا استئذانا كائنا مثل استئذان المذكورين قبلهم بأن يستأذنوا في جميع الأوقات ويرجعوا إن قيل لهم ارجعوا حسبما فصل فيما سلف «كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم» الكلام فيه كالذي سبق والتكرير للتأكيد والمبالغة في الأمر بالاستئذان وإضافة الآيات إلى ضمير الجلالة لتشريفها «والقواعد من النساء» أي العجائز اللاتي قعدن عن الحيض والحمل «اللاتي لا يرجون نكاحا» أي لا يطمعن فيه لكبرهن «فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن» أي الثياب الظاهرة كالجلباب ونحوه والفاء فيه لأن اللام في القواعد بمعنى اللاتي أو للوصف بها «غير متبرجات بزينة» غير مظهرات لزينة مما أمر بإخفائه في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن وأصل التبرج التكلف في إظهار ما يخفى من قولهم سفينة بارجة لا غطاء عليها والبرج سعة العين بحيث يرى بياضها محيطا بسوادها كله إلا أنه خص بكشف المرأة زينتها ومحاسنها للرجال «وأن يستعففن» بترك الوضع «خير لهن» من الوضع لبعده من التهمة «والله سميع» مبالغ في سمع جميع ما يسمع فيسمع ما يجري بينهن وبين الرجال من المقاولة «عليم» فيعلم مقاصدهن وفيه من الترهيب ما لا يخفى «ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج» كانت هؤلاء الطوائف يتحرجون من المؤاكلة الأصحاء حذارا من استقذارهم إياهم وخوفا من تأذيهم بأفعالهم وأوضاعهم فإن الأعمى ربما سبقت يده إلى ما سبقت حذارا من استقذارهم إياهم وخوفا من تأذيهم بأفعالهم وأوضاعهم فإن الأعمى ربما سبقت يده إلى ما سبقت إليه عين أكيله وهو لا يشعر به والأعرج بتفسح في مجلسه فيأخذ أكثر من موضعه فيضيق على جليسه
(١٩٥)