تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٩٤
لطرفي ذلك الوقت الممتد المتصلين بالصلاتين المذكورتين اتصالا عاديا وقوله تعالى «ثلاث عورات» خبر مبتدأ محذوف وقوله تعالى «لكم» متعلق بمحذوف هو صفة لثلاث عورات أي كائنة لكم والجملة استئناف مسوق لبيان علة وجوب الاستئذان أي هن ثلاثة أوقات يختل فيها التستر عادة والعورة في الأصل هو الخلل غلب في الخلل الواقع فيما يهم حفظه ويعتني بستره أطلقت على الأوقات المشتملة عليها مبالغة كأنها نفس العورة وقرئ ثلاث عورات بالنصب بدلا من ثلاث مرات «ليس عليكم ولا عليهم» أي على المماليك والصبيان جناح أي إثم في الدخول بغير استئذان لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر والاطلاع على العورات «بعدهن» أي بعد كل واحدة من تلك العورات الثلاث وهي الأوقات المتخللة بين كل اثنتين منهن وإيرادها بعنوان البعدية مع أن كل وقت من تلك الأوقات قبل عورة من العورات كما أنها بعد أخرى منهن لتوفية حق التكليف والترخيص الذي هو عبارة عن رفعه إذا لرخصة إنما تتصور في فعل يقع بعد زمان وقوع الفعل المكلف والجملة على القراءتين مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها بالطرد والعكس وقد جوز على القراءة الأولى كونها في محل الرفع على أنها صفة أخرى لثلاث عورات وأما على القراءة الثانية فهي مستأنفة لا غير إذ لو جعلت صفة لثلاث عورات وهي بدل من ثلاث مرات لكان التقدير ليستأذنكم هؤلاء في ثلاث عورات لا إثم في ترك الاستئذان بعدهن وحيث كان انتفاء الإثم حينئذ مما لم يعلمه السامع إلا بهذا الكلام لم يتسن إبرازه في معرض الصفة بخلاف قراءة الرفع فإن انتفاء الإثم حينئذ معلوم من صدر الكلام وقوله تعالى «طوافون عليكم» استئناف ببيان العذر المرخص في ترك الاستئذان وهي المخالطة الضرورية وكثرة المداخلة وفيه دليل على تعليل الأحكام وكذا في الفرق بين الأوقات الثلاثة وبين غيرها بكونها عورات «بعضكم على بعض» أي بعضكم طائف على بعض طوافا كثيرا أو بعضكم يطوف على بعض «كذلك» إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده وما فيه من معنى البعد لما مر مرارا من تفخيم شأن المشار إليه والإيذان ببعد منزلته وكونه من الوضوح بمنزلة المشار إليه حسا أي مثل ذلك التبيين «يبين الله لكم الآيات» الدالة على الأحكام أي ينزلها بينة واضحة الدلالات عليها لا أنه تعالى يبينها بعد أن لم تكن كذلك والكاف مقحمة وقد مر تفصيله في قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا ولكم متعلق يبين وتقديمه على المفعول الصريح لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر وقيل يبين علل الأحكام وليس بواضح مع أنه مؤد إلى تخصيص الآيات بما ذكر ههنا «والله عليم» مبالغ في العلم بجميع المعلومات فيعلم أحوالكم «حكيم» في جميع أفاعيله فيشرع لكم ما فيه صلاح أمركم معاشا ومعادا «وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم» لما بين فيما مر آنفا حكم الأطفال في أنه لا جناح عليهم في ترك الاستئذان فيما عدا الأوقات الثلاثة عقب ببيان حالهم بعد البلوغ دفعا لما عسى يتوهم أنهم وإن كانوا
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300