إلى ضمير العقلاء لما مر غير مرة وعلى الثاني إما عبارة عنها عن التسبيح الخاص بالطير معا أو تسبيح الطير فقط فالفعل على حقيقته وإسناده إلى ض لما مر والاعتراض حينئذ مقرر لتسبيح الطير فقط وعلى الأولين لتسبيح الكل هذا وقد قيل إن الضمير في قوله تعالى وقد علم الله عز وجل وفي صلاته وتسبيحه لكل أي قد علم الله تعالى صلاة كل واحد مما في السماوات والأرض وتسبيحه فالاعتراض حينئذ مقرر لمضمونه على الوجهين لكن لأعلى أن تكون ما عبارة عما تعلق به علمه تعالى من صلاته وتسبيحه بل عن جميع أحواله العارضة له وأفعاله الصادرة عنه وهما داخلتان فيها دخولا أولياء «ولله ملك السماوات والأرض» لا لغيره لأنه الخالق لهما ولما فيهما من الذوات والصفات وهو المتصرف في جميعها إيجادا وإعداما بدءا وإعادة وقوله تعالى «وإلى الله» أي إليه تعالى خاصة لا إلى غيره «المصير» أي رجوع الكل بالفناء والبعث بيان لاختصاص الملك به تعالى في المعاد إثر بيان اختصاصه به تعالى في المبدأ وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لتربية المهابة والإشعار بعلة الحكم «ألم تر أن الله يزجي سحابا» الإزجاء سوق الشيء برفق وسهولة غلب في سوق شيء يسير أو غير معتد به ومنه البضاعة المزجاة ففيه إيماء إلى أن السحاب بالنسبة إلى قدرته تعالى مما لا يعتد به «ثم يؤلف بينه» أي بين أجزائه بضم بعضها إلى بعض وقرئ يولف بغير همزة «ثم يجعله ركاما» أي متراكما بعضه فوق بعض «فترى الودق» أي المطر إثر تراكمه وتكاثفه وقوله تعالى «يخرج من خلاله» أي من فتوقه حال من الودق لأن الرؤية بصرية وفي تعقيب الجعل المذكور برؤيته خارجا لا بخروجه من المبالغة في سرعة الخروج على طريقة قوله تعالى فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق ومن الاعتناء بتقرير الرؤية ما لا يخفى والخلال جمع خلل كجبال وجبل وقيل مفرد كحجاب وحجاز ويؤيده أنه قرئ من خلله «وينزل من السماء» من الغمام فإن كل ما علاك سماء «من جبال» أي من قطع عظام تشبه الجبال في العظم كائنة «فيها» وقوله تعالى «من برد» مفعول ينزل على أن من تبعيضية والأوليان لابتداء الغاية على أن الثانية بدل اشتمال من الأولى بإعادة الجار أن ينزل مبتدئا من السماء من جبال فيها بعض يرد وقيل المفعول محذوف ومن برد بيان للجبال أن ينزل مبتدئا من السماء من جبال فيها من جنس البرد بردا والأول أظهر لخلوه عن ارتكاب الحذف والتصريح ببعضه المنزل وقيل المفعول من مشبهة بالجبال في الكثرة وأياما كان فتقديم الجار والمجرور على المفعول لما غير مرة من الاعتناء بالمقدم
(١٨٤)