تعالى «من أحد» زائدة وأحد في حيز الرفع على الفاعلية على القراءة الأولى وفي محل النصب على المفعولية على القراءة الثانية «أبدا» لا إلى نهاية «ولكن الله يزكي» يطهر «من يشاء» من عباده بإضافة آثار فضله ورحمته على التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم «والله سميع» مبالغ في سمع الأقوال التي من جملتها ما أظهروه من التوبة «عليم» بجميع المعلومات التي من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الإخلاص في التوبة وإظهار الاسم الجليل للإيذان باستدعاء الألوهية للسمع والعلم مع ما فيه من تأكيد استقلال الاعتراض التذبيلي «ولا يأتل» أي لا يحلف افتعال من الآلية وقيل لا يقصر من الألو والأول هو الأظهر لنزوله في شأن الصديق رضي الله عنه حين حلف أن لا ينفق على مسطح بعد وكان ينفق عليه لكونه ابن خالته وكان من فقراء المهاجرين ويعضده قراءة من قرأ ولا يتأل «أولوا الفضل منكم» في الدين وكفى به دليلا على فضل الصديق رضي الله تعالى عنه «والسعة» في المال «أن يؤتوا» أي على أن لا يؤتوا أو قرئ بناء الخطاب على الالتفات «أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله» صفات لموصوف واحد جئ بها بطريق العطف تنبيها على أن كلا منها علة مستقلة لاستحقاقه الإيتاء وقيل لموصوفات أقيمت هي مقامها وحذف المفعول الثاني لغاية ظهوره أي على أن لا يؤتوهم شيئا «وليعفوا» ما فرط منهم «وليصفحوا» بالإغضاء عنه وقد قرئ الأمر أن بتاء الخطاب على وفق قوله تعالى «ألا تحبون أن يغفر الله لكم» أي بمقابلة عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم «والله غفور رحيم» مبالغ في المغفرة والرحمة مع كمال قدرته على المؤاخذة وكثرة ذنوب الداعية إليها وفيه ترغيب عظيم في العفو ووعد الكريم بمقابلته كأنه قيل ألا تحبون أن يغفر الله لكم فهذا من موجباته روى أنه صلى الله عليه وسلم قرأها على أبي بكر رضي الله عنه فقال بلى أحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح نفقته وقال الله أعلم لا أنزعها أبدا «إن الذين يرمون المحصنات» أي العفائف مما رمين به من الفاحشة «الغافلات» عنها على الإطلاق بحيث لم يخطر ببالهن شيء منها ولا من مقدماتها أصلا ففيها من الدلالة على كمال النزاهة ما ليس في المحصنات أي السليمات الصدور التقيات القلوب عن كل سوء «المؤمنات» أي المتصفات بالإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به من الواجبات والمحظوات وغيرها إيمانا حقيقيا تفصيليا كما ينبئ عنه تأخير المؤمنات عما قبلها مع أصالة وصف الإيمان فإنه للإيذان بأن المراد بها المعنى الوصفي المعرب عما ذكر لا المعنى الاسمي المصحح لإطلاق الاسم في الجملة كما هو المتبادر على تقدير التقديم والمراد بها عائشة الصديقة رضي الله عنها والجمع باعتبار
(١٦٥)