(تؤتى أكلها) تعطي ثمرها (كل حين) وقته الله تعالى لإثمارها (بإذن ربها) بإرادة خالفها والمراد بالشجرة المنعوتة إما النخلة كما روى مرفوعا أو شجرة في الجنة (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) لأن في ضربها زيادة إفهام وتذكير فإنه تصوير للمعاني بصور المحسوسات (ومثل كلمة خبيثة) هي كلمة الكفر والدعاء إليه أو تكذيب الحق أو ما يعم الكل أو كل كلمة قبيحة (كشجرة خبيثة) أي كمثل شجرة خبيثة قيل هي كل شجرة لا يطيب ثمرها كالحنظل والكشوث ونحوهما وتغيير الأسلوب للإيذان بأن ذلك غير مقصود الضرب والبيان وإنما ذلك أمر ظاهر يعرفه كل أحد (اجتثت) استؤصلت وأخذت جثتها بالكلية (من فوق الأرض) لكون عروقها قريبة منه (مالها من قرار) استقرار عليها (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن في قلوبهم وهو الكلمة الطيبة التي ذكرت صفتها العجيبة (في الحياة الدنيا) فلا يزالون عنه إذا افتتنوا في دينهم كزكريا ويحيى وجرجيس وشمسون والذين فتنهم أصحاب الأخدود (وفي الآخرة) فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف ولا تدهشهم أهوال القيامة أو عند سؤال القبر روى أنه صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال ثم يعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولون من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي مناد من السماء أنه صدق عبدي فذلك قوله تعالى يثبت الله الذين آمنوا وهذا مثال إيتاء الشجرة المذكورة أكلها كل حين قال الثعلبي في تفسيره أخبرني أبو القاسم بن حبيب في سنة وست وثمانين وثلاثمائة قال سمعت أبا الطيب محمد بن علي الخياط يقول سمعت سهل بن عمار العملي يقول رأيت يزيد بن هارون في منامي بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال أتاني في قبري ملكان فظان فقالا من ربك وما دينك ومن نبيك فأخذت بلحيتي البيضاء فقلت لهما ألمثلى يقال هذا وقد علمت الناس جوابكما ثمانين سنة فذهبا (ويضل الله الظالمين) أي يخلق فيهما الضلال عن الحق الذي ثبت المؤمنين عليه حسب إرادتهم واختيارهم والمراد بهم الكفرة بدليل ما يقابله ووصفهم بالظلم إما باعتبار وضعهم للشيء في غير موضعه وإما باعتبار ظلمهم لأنفسهم حيث بدلوا فطرة الله التي فطر الناس عليها فلم يهتدوا إلى القول الثابت أو كل من ظلم نفسه بالاقتصار على التقليد والإعراض عن البينات الواضحة فلا يثبت في موقف الفتن ولا يهتدي إلى الحق فالمراد بالذين آمنوا حينئذ المخلصون في الإيمان الراسخون في الإيقان كما ينبئ عنه التثبيت لكنه يوهم كون كلمة التوحيد إذا كانت لا عن إيقان داخله تحت مالا قرار له من الشجرة المضروبة مثلا (ويفعل
(٤٤)