تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٤٤
(تؤتى أكلها) تعطي ثمرها (كل حين) وقته الله تعالى لإثمارها (بإذن ربها) بإرادة خالفها والمراد بالشجرة المنعوتة إما النخلة كما روى مرفوعا أو شجرة في الجنة (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) لأن في ضربها زيادة إفهام وتذكير فإنه تصوير للمعاني بصور المحسوسات (ومثل كلمة خبيثة) هي كلمة الكفر والدعاء إليه أو تكذيب الحق أو ما يعم الكل أو كل كلمة قبيحة (كشجرة خبيثة) أي كمثل شجرة خبيثة قيل هي كل شجرة لا يطيب ثمرها كالحنظل والكشوث ونحوهما وتغيير الأسلوب للإيذان بأن ذلك غير مقصود الضرب والبيان وإنما ذلك أمر ظاهر يعرفه كل أحد (اجتثت) استؤصلت وأخذت جثتها بالكلية (من فوق الأرض) لكون عروقها قريبة منه (مالها من قرار) استقرار عليها (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن في قلوبهم وهو الكلمة الطيبة التي ذكرت صفتها العجيبة (في الحياة الدنيا) فلا يزالون عنه إذا افتتنوا في دينهم كزكريا ويحيى وجرجيس وشمسون والذين فتنهم أصحاب الأخدود (وفي الآخرة) فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف ولا تدهشهم أهوال القيامة أو عند سؤال القبر روى أنه صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال ثم يعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولون من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي مناد من السماء أنه صدق عبدي فذلك قوله تعالى يثبت الله الذين آمنوا وهذا مثال إيتاء الشجرة المذكورة أكلها كل حين قال الثعلبي في تفسيره أخبرني أبو القاسم بن حبيب في سنة وست وثمانين وثلاثمائة قال سمعت أبا الطيب محمد بن علي الخياط يقول سمعت سهل بن عمار العملي يقول رأيت يزيد بن هارون في منامي بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال أتاني في قبري ملكان فظان فقالا من ربك وما دينك ومن نبيك فأخذت بلحيتي البيضاء فقلت لهما ألمثلى يقال هذا وقد علمت الناس جوابكما ثمانين سنة فذهبا (ويضل الله الظالمين) أي يخلق فيهما الضلال عن الحق الذي ثبت المؤمنين عليه حسب إرادتهم واختيارهم والمراد بهم الكفرة بدليل ما يقابله ووصفهم بالظلم إما باعتبار وضعهم للشيء في غير موضعه وإما باعتبار ظلمهم لأنفسهم حيث بدلوا فطرة الله التي فطر الناس عليها فلم يهتدوا إلى القول الثابت أو كل من ظلم نفسه بالاقتصار على التقليد والإعراض عن البينات الواضحة فلا يثبت في موقف الفتن ولا يهتدي إلى الحق فالمراد بالذين آمنوا حينئذ المخلصون في الإيمان الراسخون في الإيقان كما ينبئ عنه التثبيت لكنه يوهم كون كلمة التوحيد إذا كانت لا عن إيقان داخله تحت مالا قرار له من الشجرة المضروبة مثلا (ويفعل
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272