تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢١٣
إعماله مطلقا والذراع من المرفق إلى رأس الإصبع الوسطى «بالوصيد» أي بموضع الباب من الكهف «لو اطلعت عليهم» أي لو عاينتهم وشاهدتهم وأصل الاطلاع الإشراف على الشيء بالمعاينة والمشاهدة وقرئ بضم الواو «لوليت منهم فرارا» هربا مما شاهدت منهم وهو إما نصب على المصدرية من معنى ما قبله إذ التولية والفرار من واد واحد وإما على الحالية يجعل المصدر بمعنى الفاعل أي فارا أو يجعل الفاعل مصدرا مبالغة كما في قولها فإنما هي إقبال وإدبار وإما على أنه مفعول له «ولملئت منهم رعبا» وقرئ بضم العين أي خوفا يملأ الصدر ويرعبه وهو إما مفعول ثان أو تمييز ذلك لما ألبسهم الله عز وجل من الهيبة والهيئة كانت أعينهم مفتحة كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلم وقيل لطول أظفارهم وشعورهم ولا يساعده قولهم لبثنا يوما أو بعض يوم وقوله ولا يشعرون بكم أحدا فإن الظاهر من ذلك عدم اختلاف أحوالهم في أنفسهم وقيل لعظم أجرامهم ولعل تأخير هذا عن ذكر التولية للإيذان باستقلال كل منهما في الترتب على الاطلاع إذ لو روعي ترتيب الوجود لتبادر إلى الفهم ترتب المجموع من حيث هو هو عليه وللإشعار بعدم زوال الرعب بالفرار كما هو المعتاد وعن معاوية لما غزا الروم فمر بالكهف قال لو كشفت لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم فقال له ابن عباس رضي الله عنهما ليس لك ذلك قد منع الله تعالى من هو خير منك حيث قال لو اطلعت عليهم الآية قال معاوية لا أنتهي حتى أعلم علمهم فبعث ناسا وقال لهم اذهبوا فانظروا ففعلوا فلما دخلوا الكهف بعث الله تعالى ريحا فأحرقتهم وقرئ بتشديد اللام على التكثير وبإبدال الهمزة ياء مع التخفيف والتشديد «وكذلك بعثناهم» أي كما أنمناهم وحفظنا أجسادهم من البلى والتحلل آية دالة على كمال قدرتنا بعثناهم من النوم «ليتساءلوا بينهم» أي ليسأل بعضهم بعضا فيترتب عليه ما فصل من الحكم البالغة وجعله غاية للبعث المعلل فيما سبق بالاختبار من حيث إنه من أحكامه المترتبة عليه والاقتصار على ذكره لاستتباعه لسائر آثاره «قال» استئناف لبيان تساؤلهم «قائل منهم» هو رئيسهم واسمه مكسلمينا «كم لبثتم» في منامكم لعله قاله لما رأى من مخالفة حالهم لما هو المعتاد في الجملة «قالوا» أي بعضهم «لبثنا يوما أو بعض يوم» قبل إنما قالوه لما أنهم دخلوا الكهف غدوة وكان انتباههم آخر النهار فقالوا لبثنا يوما فلما رأوا أن الشمس لم تغرب بعد قالوا أو بعض يوم وكان ذلك بناء على الظن الغالب فلم يعزوا إلى الكذب «قالوا» أي بعض آخر منهم بما سنح لهم من الأدلة أو بإلهام من الله سبحانه «ربكم أعلم بما لبثتم» أي أنتم لا تعلمون مدة لبثكم وإنما يعلمها الله سبحانه وهذا رد منهم على الأولين بأجمل ما يكون من مراعاة حسن الأدب وبه يتحقق التحزب إلى الحزبين المعهودين فيما سبق وقد قيل القائلون جميعهم ولكن في حالتين ولا يساعده النظم الكريم فإن الاستئناف في الحكاية والخطاب في المحكي يقضي بأن الكلام جار على منهاج المحاورة
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272