تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٠٩
«نحن نقص عليك» شروع في تفصيل ما أجمل فيما سلف من قوله تعالى إذ أوى الفتية الخ أي نحن نخبرك بتفاصيل أخبارهم وقد مر بيان اشتقاقه في مطلع سورة يوسف عليه السلام «نبأهم» النبأ الخبر الذي له شأن وخطر «بالحق» إما صفة لمصدر محذوف أو حال من ضمير نقص أو من نبأهم أو صفة له على رأى من يرى حذف الموصول مع بعض صلته أي نقص قصصا ملتبسا بالحق أو نقصه ملتبسين به أو نقص نبأهم ملتبسا به أو نبأهم الملتبس به أو نبأهم حسبما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار أنه قد مرج أهل الإنجيل وعظمت فيهم الخطايا وطغت ملوكهم فعبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت وكان ممن بالغ في ذلك وعتا عتوا كبيرا دقيانوس فإنه غلا فيه غلوا شديدا فجاس خلال الديار والبلاد بالعيث والفساد وقتل من خالفه من المتمسكين بدين المسيح عليه السلام وكان يتبع الناس فيخيرهم بين القتل وعبادة الأوثان فمن رغب في الحياة الدنيا الدنية يصنع ما يصنع ومن آثر عليها الحياة الأبدية قتله وقطع آرابه وعلقها في سور المدينة وأبوابها فلما رأى الفتية ذلك وكانوا عظماء أهل مدينتهم وقيل كانوا من خواص الملك قاموا فتضرعوا إلى الله عز وجل واشتغلوا بالصلاة والدعاء فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم أعوان الجبار فأحضروهم بين يديه فقال لهم ما قال وخيرهم بين القتل وبين عبادة الأوثان فقالوا إن لنا إلها ملأ السماوات والأرض عظمته وجبورته لن ندعو من دونه أحدا ولن نقر لما تدعونا إليه أبدا فاقض ما أنت قاض فأمر بنزع ما عليهم من الثياب الفاخر وأخرجهم من عنده وخرج هو إلى مدينة نينوى لبعض شأنه وأمهلهم إلى رجوعه ليتأملوا في أمرهم فإن تبعوه وإلا فعل بهم ما فعل بسائر المسلمين فأزمعت الفتية على الفرار بالدين والالتجاء إلى الكهف الحصين فأخذ كل منهم من بيت أبيه شيئا فتصدقوا ببعضه وتزودوا بالباقي فأووا إلى الكهف فجعلوا يصلون فيه آناء الليل وأطراف النهار ويبتهلون إلى الله سبحانه بالأنين والجؤار وفوضوا أمر نفقتهم إلى يمليخا فكان إذا أصبح يضع عنه ثيابه الحسان ويلبس لباس المساكين ويدخل المدينة ويشتري ما يهمهم ويتحسس ما فيها من الأخبار ويعود إلى أصحابه فلبثوا على ذلك إلى أن قدم الجبار إلى المدينة فطلبهم وأحضر آباءهم فاعتذروا بأنهم عصوهم ونهبوا أموالهم وبذروها في الأسواق وفروا إلى الجبل فلما رأى يمليخا ما رأى من الشر رجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه قليل من الزاد فأخبرهم بما شهده من الهول ففزعوا إلى الله عز وجل وخروا له سجدا ثم رفعوا رؤوسهم وجلسوا يتحدثون في أمرهم فبينما هم كذلك إذ ضرب الله تعالى على آذانهم فناموا ونفقتهم عند رؤوسهم فخرج دقيانوس في طلبهم بخيله ورجله فوجدوهم قد دخلوا الكهف فأمر بإخراجهم فلم يطق أحد أن يدخله فلما ضاق بهم ذرعا قال قائل منهم أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتهم قال بلى قال فابن عليهم باب الكهف ودعهم يموتوا جوعا وعطشا وليكن كهفهم قبرا لهم ففعل ثم كان من شأنهم ما قص الله عز وجل عنهم «إنهم فتية» استئناف تحقيقي مبني على تقدير السؤال من قبل المخاطب والفتية جمع قلة للفتى كالصبية للصبي «آمنوا بربهم» أوثر
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272