تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٠٨
بعد ملك وقيل كلاهما من غيرهم والأول هو الأظهر فإن اللام للعهد ولا عهد لغيرهم والأمد بمعنى المدى كالغاية في قولهم ابتداء الغاية وانتهاء الغاية وهو مفعول لأحصى والجار والمجرور حال منه قدمت عليه لكونه نكرة وليس معنى إحصاء تلك المدة ضبطها من حيث كميتها المتصلة الذاتية فإنه لا يسمى إحصاء بل ضبطها من حيث كميتها المفصلة العارضة لها باعتبار قسمتها إلى السنين وبلوغها من تلك الحيثية إلى مراتب الأعداد على ما يرشدك إليه كون تلك المدة عبارة عما سبق من السنين ويجوز أن يراد بالأمد معناه الوضعي بتقدير المضاف أي لزمان لبثهم وبدونه أيضا فإن اللبث عبارة عن الكون المستمر المنطبق على الزمان المذكور فباعتبار الامتداد العارض له بسبه يكون له أمد لا محالة لكن ليس المارد به ما يقع غاية ومنتهى لذلك الكون المستمر باعتبار كميته المتصلة العارضة له بسبب انطباقه على الزمان الممتد بالذات وهو أن انبعاثهم من نومهم فإن معرفته من تلك الحيثية لا تخفى على أحد ولا تسمى إحصاء كما مر بل باعتبار كميته المفصلة معارضة له بسبب عروضها لزمانه المنطبق هو عليه باعتبار انقسامه إلى السنين ووصوله إلى مرتبة معينة من مراتب العدد كما حقق في الصورة الأولى والفرق بين الاعتبارين أن ما تعلق به الإحصاء في الصورة السابقة نفس المدة المقسمة إلى السنين فهو مجموع ثلاثمائة وتسع سنين وفي الصورة الأخيرة منتهى تلك المدة المنقسمة إلهيا أعني السنة التاسعة بعد الثلثمائة وتعلق الإحصاء بالأمد بالمعنى الأول ظاهر وأما تعلقه به بالمعنى الثاني فباعتبار انتظامه لما تحته من مراتب العدد واشتماله عليها هذا على تقدير كون ما في قوله تعالى لما لبثوا مصدرية ويجوز أن تكون موصولة حذف عائدها من الصلة أي للذي لبثوا فيه من الزمان الذي عبر عنه فيما قبل بسنين عددا فالأمد بمعناه الوضعي على ما تحققته وقيل اللام مزيدة والموصول مفعول وأمدا نصب على التمييز وأما ما قيل من أن أحصى اسم تفضيل لأنه الموافق لما وقع في سائر الآيات الكريمة نحو أيهم أحسن عملا أيهم أقرب لكم نفعا إلى غير ذلك مما لا يحصى ولأن كونه فعلا ماضيا يشعر بأن غاية البعث هو العلم بالإحصاء المتقدم على البعث لا بالإحصاء المتأخر عنه وليس كذلك وادعاء أن مجيء أفعل التفضيل من المزيدة عليه غير قياسي مدفوع بأنه عند سيبويه قياس مطلقا وعند ابن عصفور فيما ليست همزته للنقل ولا ريب في أن ما نحن فيه من ذلك القبيل وامتناع عمله إنما هو في غير التمييز من المعمولات وأما أن التمييز يجب كونه فاعلا في المعنى فلمانع أن يمنعه بصحة أن يقال أيهم أحفظ لهذا الشعر وزنا أو تقطيعا أو يقال أن العامل في أمدا فعل محذوف يدل عليه المذكور أي يحصي لما لبثوا أمدا كما في قوله [وأضرب منا بالسيوف القوانسا] وحديث الوقوع في المحذور بلا فائدة مدفوع بما أشير إليه من فائدة الموافقة للنظائر فمع ما فيه من الاعتساف والخلل بمعزل من السداد لأن مؤداه أن يكون المقصود بالإخبار إظهار أفضل الحزبين وتمييزه عن الأدنى مع تحقق أصل الإحصاء فيهما ومن البين أن لا تحقق له أصلا وأن المقصود بالاختبار إظهار عجز الكل عنه رأسا فهو فعل ماض قطعا وتوهم إيذانه بأن غاية البعث هو العلم بالإحصاء المتقدم عليه مردود بأن صيغة الماضي باعتبار حال الحكاية والله تعالى أعلم
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272