تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٠٤
يتفطرن من الآيات وهو الأنسب بقوله تعالى «كبرت كلمة» أي عظمت مقالتهم هذه في الكفر والافتراء لما فيها من نسبته سبحانه إلى ما لا يكاد يليق بجناب كبريائه والفاعل في كبرت إما ضمير المقالة المدلول عليها بقالوا وكلمة نصب على التمييز أو ضمير مبهم مفسر بما بعده من النكرة المنصوبة تمييزا كبئس رجلا والمخصوص بالذم محذوف تقديره كبرت هي كلمة خارجه من أفواههم وقرئ كبرت بإسكان الباء مع إشمام الضم وقرئ كلمة بالرفع (تخرج من أفواههم) صفة للكلمة مفيدة لاستعظام أجترائهم على التفوه بها وإسناد الخروج إليها مع أن الخارج هو الهواء المتكيف بكيفية الصوت لملابسته بها «إن يقولون» ما يقولون في ذلك لا الشأن «إلا كذبا» أي إلا قولا كذبا لا يكاد يدخل تحت إمكان الصدق أصلا والضميران لهم لآبائهم مثل حاله صلى الله عليه وسل 4 م في شدة الوجد على إعراض القوم وتوليهم عن الإيمان بالقرآن وكمال التحسر عليهم بحال من يتوقع منه إهلاك نفسه إثر فوت ما يحبه عند مفارقة أحبته تأسفا على مفارقتهم وتلهفا عليهم على مهاجرتهم فقيل على طريقة التمثيل حملا له صلى الله عليه وسلم على الحذر والإشفاق من ذلك «فلعلك باخع» أي مهلك «نفسك على آثارهم» غما ووجدا على فراقهم وقرئ بالإضافة «إن لم يؤمنوا بهذا الحديث» أي القرآن الذي عبر عنه في صدر السورة بالكتاب وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة ما سبق عليه وقرئ بأن المفتوحة أي لأن لم يؤمنوا فإعمال باخع يحمله على حكاية حال ماضيه لاستحضار الصورة كما في قوله عز وجل باسط ذراعيه «أسفا» مفعول له لباخع أي لفرط الحزن والغضب أو حال مما فيه من الضمير أي متأسفا عليهم ويجوز حمل النظم الكريم على الاستعارة التبعية بجعل التشبيه بين أجزاء الطرفين لا بين الهيئتين المنتزعتين منهما كما في التمثيل وقد مر تحقيقه في تفسير قوله تعالى ختم الله على قلوبهم «إنا جعلنا ما على الأرض» استئناف وتعليل لما في لعل من معنى الإشفاق أي إنا جعلنا ما عليها ممن عدا من وجه إليه التكليف من الزخارف حيوانا كان أو نباتا أو معدنا كقوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا «زينة» مفعول ثان للجعل إن حمل على معنى التصيير أو حال إن حمل على معنى الإبداع واللام في «لها» إما متعلقة بزينة أو بمحذوف هو صفة لها أي كائنة لها أي ليتمتع بها الناظرون من المكلفين وينتفعوا بها نظرا واستدلالا فإن الحيات والعقارب من حيث تذكيرهما لعذاب الآخرة من قبيل المنافع بل كل حادث داخل تحت الزينة من حيث دلالته على وجود الصانع ووحدته فإن الأزواج والأولاد أيضا من زينة الحياة الدنيا بل أعظمها ولا يمنع ذلك كونهم من جملة المكلفين فإنهم من جهة انتسابهم إلى أصحابهم داخلون تحت الزينة ومن جهة كونهم مكلفين داخلون تحت الابتلاء «لنبلوهم» متعلق بجعلنا أي جعلنا ما جعلنا لنعاملهم معاملة من يختبرهم «أيهم أحسن عملا» فنجازيهم بالثواب والعقاب حسبما تبين المحسن من المسئ وامتازت طبقات أفراد كل من الفريقين حسب امتياز مراتب علوهم المرتبة
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272