تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٠٥
على انظارهم وتفاوت درجات أعمالهم المتفرعة على ذلك كما قررناه في مطلع سورة هود وأي إما استفهامية مرفوعة بالابتداء وأحسن خبرها والجملة في محل النصب معلقة لفعل البلوى لما فيه من معنى العلم باعتبار عاقبته كالسؤال والنظر ولذلك أجرى مجراه بطريق التمثيل أو الاستعارة التبعية وإما موصولة بمعنى الذي وأحسن خبر مبتدأ مضمر والجملة صلة لها وهي في حيز النصب بدل من مفعول لنبلوهم والتقدير لنبلو الذي هو أحسن عملا فحينئذ يحتمل أن تكون الضمة في أيهم للبناء كما في قوله عز وجل ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا على أحد الأقوال لتحقق شرط البناء الذي هو الإضافة لفظا وحذف صدر الصلة وأن تكون للأعراب لأن ما ذكر شرط لجواز البناء لا لوجوبه وحسن العمل الزهد فيها وعدم الاغترار بها والقناعة باليسير منها وصرفها على ما ينبغي والتأمل في شأنها وجعلها ذريعة إلى معرفة خالقها والتمتع بها حسبما أذن له الشرع وأداء حقوقها والشكر لها لا اتخاذها وسيلة إلى الشهوات والأغراض الفاسدة كما يفعله الكفرة وأصحاب الأهواء وإيراد صيغة التفضيل مع أن الابتلاء شامل للفريقين باعتبار أعمالهم المنقسمة إلى الحسن والقبيح أيضا لا إلى الحسن والأحسن فقط للإشعار بأن الغاية الأصلية للجعل المذكور إنما هو ظهور كمال إحسان المحسنين على ما حقق في تفسير قوله تعالى ليبلوكم أيكم أحسن عملا «وإنا لجاعلون» فيما سيأتي عند تناهي عمر الدنيا «ما عليها» من المخلوقات قاطبة بإفنائها بالكلية وإنما أظهر في مقام الاضمار لزيادة التقرير أو لادراج المكلفين فيه «صعيدا» مفعول ثان للجعل والصعيد التراب أو وجه الأرض قال أبو عبيدة هو المستوى من الأرض وقال الزجاج هو الطريق الذي لانبات فيه «جرزا» ترابا لا نبات فيه بعد ما كان يتعجب من بهجته النظار وتتشرف بمشاهدته الأبصار يقال أرض جرز لا نبات فيها وسنة جرز لا مطر فيها قال الفراء جرزت الأرض فهي مجروزة أي ذهب نباتها بقحط أو جراد ويقال جرزها الجراد والشاة والإبل إذا أكلت ما عليها وهذه الجملة لتكميل ما في السابقة من التعليل والمعنى لا تحزن بما عاينت من القوم من تكذيب ما أنزلنا عليك من الكتاب فإنا قد جعلنا ما على الأرض من فنون الأشياء زنية لها لنختبر أعمالهم فنجازيهم بحسبها وإنا لمفنون جميع ذلك عن قريب ومجازون لهم بحسب أعمالهم «أم حسبتم» الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد إنكار حسبان أمته وأم منقطعة مقدرة ببل التي هي للانتقال من حديث إلى حديث لا للابطال وبهمزة الاستفهام عند الجمهور وببل وحدها عند غيرهم أي بل أحسبت «أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا» في بقائهم على الحياة مدة طويلة من الدهر «من آياتنا» من بين آياتنا التي من جملتها ما ذكرناه من جعل ما على الأرض زينة لها للحكمة المشار إليها ثم جعل ذلك كله صعيدا جرزا كأن لم تغن بالأمس «عجبا» أي آية ذات عجب وضعا له موضع المضاف أو وصفا لذلك بالمصدر مبالغة وهو خبر لكانوا ومن آياتنا حال منه والمعنى أن قصتهم وإن كانت خارقة للعادات ليست بعجيبة بالنسبة
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272