المفعول الثاني وأن الأول ظاهر لا حاجة إلى ذكره أي أنزل الكتاب لينذر بما فيه الذين كفروا له «بأسا» أي عذابا «شديدا من لدنه» أي صادرا من عنده نازلا من قبله بمقابلة كفرهم وتكذيبهم وقرئ من لدنه بسكون الدال مع إشمام الضمة وكسر النون لالتقاء الساكنين وكسر الهاء للاتباع «ويبشر» بالشديد وقرئ بالتخفيف «المؤمنين» أي المصدقين به «الذين يعملون الصالحات» الأعمال الصالحة التي بينت في تضاعيفه وإيثار صيغة الاستقبال في الصلة للاشعار بتجدد الأعمال الصالحة وإستمرارها وإجراء الموصول على موصوفه المذكور لما أن مدار قبول الأعمال هو الإيمان «أن لهم» أي بأن لهم بمقابلة إيمانهم وأعمالهم المذكورة «أجرا حسنا» هو الجنة وما فيها من المثوبات الحسنى «ماكثين» حال من الضمير المجرور في لهم «فيه» اي في ذلك الأجر «أبدا» من غير انتهاء أي خالدين فيه وهو نصب على الظرفية لماكثين وتقديم الإنذار على التبشير لاظهار كمال العناية بزجر الكفار عما هم عليه مع مراعاة تقديم التخلية على التحلية وتكرير الإنذار بقوله تعالى «وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا» متعلقا بفرقة خاصة ممن عمه الإنذار السابق من مستحقي البأس الشديد لإيذان بكمال فظاعة حالهم لغاية شناعة كفرهم وضلالهم أي وينذر من بين سائر الكفرة هؤلاء المتفوهين بمثل هاتيك العظيمة خاصة وهم كفار العرب الذين يقولون الملائكة بنات الله تعالى واليهود القائلون عزيز ابن الله والنصارى القائلون المسيح ابن الله وترك إجراء الموصول على الموصوف كما فعل في قوله تعالى ويبشر المؤمنين للايذان بكفاية ما في حيز الصلة في الكفر على أقبح الوجوه وإيثار صيغة الماضي في الصلة للدلالة على تحقق صدور تلك الكلمة القبيحة عنهم فيما سيق وجعل المفعول المحذوف فيما سلف عبارة عن هذه الطائفة يؤدي إلى خروج سائر أصناف الكفرة عن الإنذار والوعيد وتعميم الإنذار هناك للمؤمنين أيضا بحمله على معنى مجرد الاخبار بالخبر الضار من غير اعتبار حلول المنذر به على المنذر كما في قوله تعالى أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا يفضى إلى خلو النظم الكريم عن الدلالة على حلول البأس الشديد على من عدا هذه الفرقة ويجوز أن يكون الفاعل في الأفعال الثلاثة ضمير الكتاب أو ضمير الرسول صلى الله عليه وسلم «ما لهم به» أي باتخاذه سبحانه وتعالى ولدا «من علم» مرفوع على الابتداء أو الفاعلية لاعتماد الظرف ومن مزيده لتأكيد النفي والجملة حالية أو مستأنفة لبيان حالهم في مقالهم أي مالهم بذلك شيء من علم أصلا لا لإخلالهم بطريقة مع تحقق المعلوم أو إمكانه بل لاستحالته في نفسه «ولا لآبائهم» الذين قلدوهم فتاهوا جميعا في تيه الجهالة والضلالة أو ما لهم علم بما قالوه أهو صواب أم خطأ بل إنما قالوه رميا عن عمى وجهالة من غير فكر وروية كما في قوله تعالى وخرقوا له بنين وبنات بغير علم أو بحقيقة ما قالوه وبعظم رتبته في الشناعة كما في قوله تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات
(٢٠٣)