وأدينا وج كما حرمت مكة فإذا قالت العرب لم فعلت فقل إن الله أمرني بذلك وقيل في قريش حيث قالوا اجعل لنا آية عذاب آية رحمة وآية رحمة آية عذاب أو قالوا لا نمكنك من استلام الحجر حتى تلم بآلهتنا فإن مخففة من المشددة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف واللام هي الفارقة بينها وبين النافية أي أن الشأن قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين (عن الذي أوحينا إليك) من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا (لتفتري علينا غيره) لتتقول علينا غير الذي أوحينا إليك مما اقترحته ثقيف أو قريش حسبما نقل (وإذن لاتخذوك خليلا) أي لو اتبعت أهواءهم لكنت لهم وليا ولخرجت من ولايتي (ولولا أن ثبتناك) على ما أنت عليه من الحق بعصمتنا لك (لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) من الركون الذي هو أدنى ميل أي لولا تثبيتنا لك لقاربت أن تميل إليهم شيئا يسيرا من الميل اليسير لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن أدركتك العصمة فنمنعك من أن تقرب من أدنى مراتب الركون إليهم فضلا عن نفس الركون وهذا صريح في أنه صلى الله عليه وسلم ما هم بإجابتهم مع قوة الداعي إليها ودليل على أن العصمة بتوفيق الله تعالى وعنايته (إذن) لو قاربت أن تركن إليهم أدنى ركنة (لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) أي عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ضعف ما يعذب به في الدارين بمثل هذا الفعل غيرك لأن خطأ الخطير خطير وكان أصل الكلام عذابا ضعفا في الحياة وعذابا ضعفا في الممات بمعنى مضاعفا ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه ثم أضيفت إضافة موصوفها وقيل الضعف من أسماء العذاب وقيل المراد بضعف الحياة عذاب الآخرة وبضعف الممات عذاب القبر (ثم لا تجد لك علينا نصيرا) يدفع عنك العذاب (وإن كادوا) الكلام فيه كما في الأول أي كاد أهل مكة (ليستفزونك) أي ليزعجونك بعداوتهم ومكرهم (من الأرض) أي الأرض التي أنت فيها وهي أرض مكة (ليخرجوك منها وإذن لا يلبثون) بالرفع عطفا على خبر كاد وقرئ لا يلبثوا بالنصب بأعمال إذن على أن الجملة معطوفة على جملة وإن كادوا ليستفزونك (خلافك) أي بعدك قال * خلت الديار خلافهم فكأنما * بسط الشواطب بينهن حصيرا * أي وله خرجت لا يبقون بعد خروجك وقرئ خلفك (إلا قليلا) إلا زمانا قليلا وقد كان كذلك فإنهم أهلكوا ببدر بعد هجرته صلى الله عليه وسلم وقيل نزلت الآية في اليهود حيث حسدوا مقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقالوا الشام مقام الأنبياء عليهم السلام فإن كنت نبيا فالحق بها حتى نؤمن بك فوقع ذلك في قلبه صلى الله عليه وسلم فخرج مرحلة فنزلت فرجع ثم قتل منهم بنو قريظة وأجلى بنوا النضير بقليل (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) نصب على
(١٨٨)