تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٩١
وهو عدة كريمة بإجابة الدعاء بالسلطان النصير الذي لقنه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل ينكت بمخصرة كانت بيده في عين واحد واحد ويقول جاء الحق وزهق الباطل فينكب لوجهه حتى ألقى جميعها وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من صفر فقال يا علي ارم به فصعد فرمى به فكسره (وتنزل من القرآن) وقرئ ننزل من الإنزال (ما هو شفاء) لما في الصدور من أدواء الريب وأسقام الأوهام (ورحمة للمؤمنين) به العالمين بما في تضاعيفه أي ما هو في تقويم دينهم واستصلاح نفوسهم كالدواء الشافي للمرضى من بيانية قدمت على المبين اعتناء فإن كل القرآن كذلك وعن النبي صلى الله عليه وسلم من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله أو تبعيضية لكن لا بمعنى أن بعضه ليس كذلك بل بمعنى أنا ننزل منه في كل نوبة ما تستدعي الحكمة نزوله حينئذ فيقع ذلك ممن نزل عليهم بسبب موافقته لأحوالهم الداعية إلى نزوله موقع الدواء الشافي المصادف للا بأنه من المرضى المحتاجين إليه بحسب الحال من غير تقديم ولا تأخير فكل بعض منه متصف بالشفاء لكن لا في كل حين بل عند تنزيله وتحقيق التبعيض باعتبار الشفاء الجسماني كما في الفاتحة وآيات الشفاء لا يساعده قوله سبحانه (ولا يزيد الظالمين إلى خسارا) أي لا يزيد القرآن كله أو كل بعض منه الكافرين المكذبين به الواضعين لأشياء في غير مواضعها مع كونه في نفسه شفاء من الأسقام إلا خسارا أي هلاكا بكفرهم وتكذيبهم لا نقصانا كما قيل فإن ما بهم من داء الكفر والضلال حقيق بأن يعبر عنه بالهلاك لا بالنقصان المنبئ عن حصول بعض مبادئ الأسقام فيهم وزيادتهم في مراتب الهلاك من حيث أنهم كلما جددوا الكفر والتكذيب بالآيات النازلة تدريجيا ازدادوا بذلك هلاكا وفيه إيماء إلى أن ما بالمؤمنين من الشبه والشكوك المعترية لهم في أثناء الاهتداء والاسترشاد بمنزلة الأمراض وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك وإسناد الزيادة المذكورة إلى القرآن مع أنهم هم المزدادون في ذلك بسوء صنيعهم واعتبار كونه سببا لذلك وفيه تعجيب من أمره حيث يكون مدارا للشفاء والهلاك (وإذا أنعمنا على الإنسان) بالصحة والنعمة (أعرض) عن ذكرنا فضلا عن القيام بموجب الشكر (ونأى) تباعد عن طاعتنا (بجانبه) النأي بالجانب أن يلوي عن الشيء عطفه ويوليه عرض وجهه فهو تأكيد للإعراض أو عبارة عن الاستكبار لأنه من ديدن المستكبرين (وذا مسه الشر) من فقر أو مرض أو نازلة من النوازل وفي إسناد المساس إلى الشر بعد إسناد الإنعام إلى ضمير الجلالة إيذان بأن الخير مراد بالذات والشر ليس كذلك (كان يئوسا) شديد اليأس من روحنا وهذا وصف للجنس باعتبار بعض أفراده ممن هو على هذه الصفة ولا ينافيه وقوله تعالى وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ونظائره فإن ذلك شأن بعض آخرين منهم وقيل أريد به الوليد بن المغيرة وقرئ ناء إما على القلب كما يقال راء في رأى وإما على أنه بمعنى نهض
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272