على الفرائض بل لكونها زيادة له صلى الله عليه وسلم في الدرجات على ما قال مجاهد والسدي فإنه صلى الله عليه وسلم مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيكون تطوعه زيادة في درجاته بخلاف من عداه من الأمة فإن تطوعهم لتكفير ذنوبهم وتدارك الخلل الواقع في فرائضهم وانتصابها إما على المصدرية بتقدير تنفل أو بجعل تهجد بمعناه أو يجعل نافلة بمعنى تهجدا فإن ذلك عبادة زائدة وإما على الحالية من الضمير الراجع إلى القرآن أي حال كونها صلاة نافلة وإما على المفعولية لتهجد إذا جعل بمعنى صل وجعل الضمير المجرور للبعض أي فصل في ذلك البعض نافلة لك (عسى أن يبعثك ربك) الذي يبلغك إلى كمالك اللائق بك من بعد الموت الأكبر كما انبعثت من النوم الذي هو الموت الأصغر بالصلاة والعبادة (مقاما) نصب على الظرفية على إضمار فيقيمك أو تضمين البعث معنى الإقامة إذ لا بد من أن يكون العامل في مثل هذا الظرف فعلا فيه معنى الاستقرار ويجوز أن يكون حالا بتقدير مضاف أي يبعثك ذا مقام (محمودا) عندك وعند جميع الناس وفيه تهوين لمشقة قيام الليل وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المقام المحمود هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي وعن ابن عباس رضي الله عنهما مقاما يحمدك فيه الأولون والآخرون تشرف فيه على جميع الخلائق تسأل فتعطى وتشفع فتشفع ليس أحد إلا تحت لوائك وعن حذيفة رضي الله عنه يجمع الناس في صعيد واحد فلا تتكلم فيه نفس فأول مدعو محمد صلى الله عليه وسلم فيقول لبيك وسعديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك لا ملجأ ولا منجا إلا إليك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت (وقل رب أدخلني) أي القبر (مدخل صدق) أي إدخال مرضيا (وأخرجني) أي منه عند البعث (مخرج صدق) أي إخراجا مرضيا ملقى بالكرامة فهو تلقين الدعاء بما وعده من البعث المقرون بالإقامة المعهودة التي لا كرامة فوقها وقيل المراد إدخال المدينة والإخراج من مكة وتغيير ترتيب الوجود لكون الإدخال هو المقصد وقيل إدخاله صلى الله عليه وسلم مكة ظاهرا عليها وإخراجه منها آمنا من المشركين وقيل إدخاله الغار وإخراجه منه سالما وقيل إدخاله فيما حمله من أعباء الرسالة وإخراجه منه مؤديا حقه وقيل إدخاله في كل ما يلابسه من مكان أو أمر وإخراجه منه وقرئ مدخل ومخرج بالفتح على معنى أدخلني فأدخل دخولا وأخرجوني فأخرج خروجا كقوله * وعضة دهر يا ابن مروان لم تدع * من المال إلا مسحت أو مجلف * أي لم تدع فلم يبق (واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) حجة تنصرني على من يخالفني أو ملكا عزا ناصرا للإسلام مظهرا له على الكفر فأجيبت دعوته صلى الله عليه وسلم بقوله عز وعلا والله يعصمك من الناس الا إن حزب الله هم الغالبون ليظهره على الدين كله ليستخلفنهم في الأرض (وقل جاء الحق) أي الإسلام والوحي الثابت الراسخ (وزهق الباطل) أي ذهب وهلك الشرك والكفر وتسويلات الشيطان من زهق روحه إذا خرج (إن الباطل) كائنا ما كان (كان زهوقا) أي شأنه أن يكون مضمحلا غير ثابت
(١٩٠)