تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٨٧
فعلنا بهم في الدنيا ما فعلنا من التكريم والتفضيل وهذا شروع في بيان تفاوت أحوالهم في الآخرة بحسب أحوالهم وأعمالهم في الدنيا (بإمامهم) أي بمن ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين أو كتاب أو دين وقيل بكتاب أعمالهم التي قدموها فيقال يا أصحاب كتاب الخير يا أصحاب كتاب الشر أو يا أهل دين كذا يا أهل كتاب كذا وقيل الإمام جمع أم كخف وخفاف والحكمة في دعوتهم بأمهاتهم بإجلال عيسى عليه السلام وتشريف الحسنين رضي الله عنهما والستر على أولاد الزنا (فمن أوتي) يومئذ من أولئك المدعوين (كتابه) صحيفة أعماله (بيمينه) إبانة لخطر الكتاب المؤتى وتشريفا لصاحبه وتبشيرا له من أول الأمر بما في مطاوية (فأولئك) إشارة إلى من باعتبار معناه إيذانا بأنهم حزب مجتمعون على شأن جليل أو إشعار بأن قراءتهم لكتبهم تكون على وجه الاجتماع لا على وجه الانفراد كما في حال الإيتاء وما فيه من الدلالة على البعد للإشعار برفعة درجاتهم أي أولئك المختصون بتلك الكرامة التي يشعر بها الإيتاء المزبور (يقرءون كتابهم) الذي أوتوه على الوجه المبين تبجحا بما سطر فيه من الحسنات المستتبعة لفنون الكرامات (ولا يظلمون) أي لا ينقصون من أجور أعمالهم المرتسمة في كتبهم بل يؤتونها مضاعفة (فتيلا) أي قدر فتيل وهو القشرة التي في شق النواة أو أدنى شيء فإن الفتيل مثل في القلة والحقارة (ومن كان) من المدعوين المذكورين (في هذه) الدنيا التي فعل بهم فيها ما فعل من فنون التكريم والتفضيل (أعمى) فاقد البصيرة لا يهتدي إلى رشده ولا يعرف ما أوليناه من نعمة التكرمة والتفضيل فضلا عن شكرها والقيام بحقوقها ولا يستعمل ما أودعناه فيه من العقول والقوى فيما خلقن له من العلوم والمعارف الحقة (فهو في الآخرة) التي عبر عنها بيوم ندعو (أعمى) كذلك أي لا يهتدي إلى ما ينجيه ولا يظفر بما يجديه لأن العمى الأول موجب للثاني وقد جوز كون الثاني بمعنى التفضيل على أن عماه في الآخرة أشد من عماه في الدنيا ولذلك قرأ أبو عمرو الأول مما لا والثاني مفخما (وأضل سبيلا) أي من الأعمى لزوال الاستعداد الممكن وتعطل الآلات بالكلية وهذا بعينه هو الذي أوتي كتابه بشماله بدلالة حال ما سبق من الفريق المقابل له ولعل العدول عن ذكره بذلك العنوان مع أنه الذي يستدعيه حسن المقابلة حسبما هو الواقع في سورة الحاقة وسورة الانشقاق للإيذان بالعلة الموجبة له كما في قوله تعالى وأما إن كان من المكذبين الضالين بعد قوله تعالى فأما إن كان من أصحاب اليمين وللرمز إلى علة حال الفريق الأول وقد ذكر في أحد الجانبين المسبب وفي الآخرة السبب ودل بالمذكور في كل منهما على المتروك في الآخر تعويلا على شهادة العقل كما في قوله عز وعلا وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله (وإن كادوا ليفتنونك) نزلت في ثقيف إذ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالا نفتخر بها على العرب لا نعشر ولا نحشر ولا نجبي في صلاتنا كل ربا لنا فهو لنا كل ربا علينا فهو موضوع عنا وأن تمتعنا باللات سنة وأن تحرم
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272