تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٦٨
والبسط فإن الكل من التصرفات المالية «ولا تبذر تبذيرا» نهى عن صرف المال إلى من سواهم ممن لا يستحقه فإن التبذير تفريق في غير موضعه مأخوذ من تفريق حبات وإلقائها كيفما كان من غير تعهد لمواقعة لا عن الإكثار في صرفه إليهم وإلا لناسبه الإسراف الذي هو تجاوز الحد في صرفه وقد نهى عنه بقوله تعالى ولا تبسطها وكلاهما مذموم «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين» تعليل للنهي عن التبذير ببيان أنه يجعل صاحبه ملزوزا في قرن الشياطين والمراد بالإخوة المماثلة التامة في كل مالا خير فيه من صفات السوء التي من جملتها التبذير أي كانوا بما فعلوا من التبذير أمثال الشياطين أو الصداقة والملازمة أي كانوا أصدقاءهم وأتباعهم فيما ذكر من التبذير والصرف في المعاصي فإنهم كانوا ينحرون الإبل ويتياسرون عليها ويبذرون أموالهم في السمعة وسائر مالا خير فيه من المباهي والملاهي أو المقارنة أي قرناءهم في النار على سبيل الوعيد «وكان الشيطان لربه كفورا» من تتمة التعليل أي مبالغا في كفران نعمته تعالى لأن شأنه أن يصرف جميع ما أعطاه الله تعالى من القوى والقدر إلى غير ما خلقت هي له من أنواع المعاصي والإفساد في الأرض وإضلال الناس وحملهم على الكفر بالله وكفران نعمه الفائضة عليهم وصرفها إلى غير ما أمر الله تعالى به وتخصيص هذا الوصف بالذكر من بين سائر أوصافه القبيحة للإيذان بأن التبذير الذي هو عبارة عن صرف نعم الله تعالى إلى غير مصرفها من باب الكفران المقابل للشكر الذي هو عبارة عن صرفها إلى ما خلقت هي له والتعرض لوصف الربوبية للإشعار بكمال عتوه فإن كفران نعمة الرب مع كون الربوبية من قوى الدواعي إلى شكرها غاية الكفران ونهاية الضلال والطغيان «وإما تعرضن عنهم» أي إن اعتراك أمر اضطرك إلى أن تعرض عن أولئك المستحقين «ابتغاء رحمة من ربك» أي لفقد رزق من ربك إقامة للمسبب مقام السبب فإن الفقد سبب للابتغاء «ترجوها» من الله تعالى لتعطيهم وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل شيئا وليس عنده أعرض عن السائل وسكت حياء فأمر بتعهدهم بالقول الجميل لئلا تعتريهم الوحشة بسكوته صلى الله عليه وسلم فقيل «فقل لهم قولا ميسورا» سهلا لينا وعدهم وعدا جميلا من يسر الأمر نحو سعد أو قل لهم رزقنا الله وإياكم من فضله على أنه دعاء لهم ييسر عليهم فقرهم «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط» تمثيلان لمنع الشحيح وإسراف المبذر زجرا لهما عنهما وحملا على ما بينهما من الاقتصاد [كلا طرفي قصد الأمور ذميم] وحيث كان قبح الشح مقارنا له معلوما من أول الأمر روعي ذلك في التصوير بأقبح الصور ولما كان غائلة الإسراف في آخره بين قبحه في أثره فقيل «فتقعد ملوما» أي فتصير ملوما عند الله وعند الناس وعند نفسك إذا احتجت وندمت على ما فعلت «محسورا» نادما أو منقطعا بك لا شيء عندك من حسره السفر إذا بلغ منه وما قيل من أنه
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272