به السنة الإلهية «وكان» ذلك «وعدا مفعولا» لا محالة بحيث لا صارف عنه ولا مبدل «ثم رددنا لكم الكرة» أي الدولة والغلبة «عليهم» على الذين فعلوا بكم ما فعلوا بعد مائة سنة حين تبتم ورجعتم عما كنتم عليه من الإفساد والعلو قيل هي قتل بخت نصر واستنقاذ بني إسرائيل أساراهم وأموالهم ورجوع الملك إليهم وذلك أنه لما ورث بهمن بن اسفنديار الملك من جده كشتاسف بن لهراسب ألقى الله تعالى في قلبه الشفقة عليهم فرد أساراهم إلى الشام وملك عليهم دانيال عليه السلام فاستولوا على من كان فيها من أتباع بخت نصر وقيل هي قتل داود عليه السلام لجالوت «وأمددناكم بأموال» كثيرة بعد ما نهبت أموالكم «وبنين» بعدما سبيت أولادكم «وجعلناكم أكثر نفيرا» مما كنتم من قبل أو من عدوكم والنفير من ينفر مع الرجل من قومه وقيل جمع نفروهم القوم المجتمعون للذهاب إلى العدو كالعبيد والمعين «إن أحسنتم» أعمالكم سواء كانت لازمة لأنفسكم أو متعدية إلى الغير أي عملتموها لا على الوجه اللائق ولا يتصور ذلك إلا بعد أن تكون الأعمال حسنة في أنفسها أو إن فعلتم الإحسان «أحسنتم لأنفسكم» لأن ثوابها لها «وإن أسأتم» أعمالكم بأن عملتموها لا على الوجه اللائق ويلزمه السوء الذاتي أو فعلتم الإساءة «فلها» إذ عليها وبالها وعن على كرم الله وجهه ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلاها «فإذا جاء وعد الآخرة» حان وقت ما وعد من عقوبة المرة الآخرة «ليسوؤوا وجوهكم» متعلق بفعل حذف لدلالة ما سبق عليه أي بعثناهم لسوءوا ومعنى ليسوءوا وجوهكم ليجعلوا آثار المساءة والكآبة بادية في وجوهكم كقوله تعالى سيئت وجوه الذين كفروا وقرئ ليسوء على أن الضمير لله تعالى أو للوعد أو للبعث ولنسوء بنون العظمة وفي قراءة علي رضي الله عنه لنسو أن على أنه جواب إذا وقرئ لنسو أن بالنون الخفيفة وليسو أن واللام في قوله عز وجل «وليدخلوا المسجد» عطف على ليسوءوا متعلق بما تعلق هو به «كما دخلوه أول مرة» أي في أول مرة «وليتبروا» أي يهلكوا «ما علوا» ما غلبوه واستولوا عليه أو مدة علوهم «تتبيرا» فظيعا لا يوصف بان سلط الله عز سلطانه عليهم الفرس فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه جودر دوقيل جردوس وقيل دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال لم تصدقوني فقتل على ذلك ألوفا فلم يهدأ الدم ثم قال إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدا فقالوا إنه دم يحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام فقال لمثل هذا ينتقم منكم ربكم ثم قال يا يحيى قد علم ربي وربك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن الله تعالى قبل أن لا أبقى منهم أحدا فهدأ «عسى ربكم أن يرحمكم» بعد المرة الآخرة إن تبتم
(١٥٧)