تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٦٤
الحياة واستمرارها من جملة ما عجل له فالأنسب بذلك كلمة من كما في قوله تعالى ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها «ما نشاء» أي ما نشاء تعجيله له من نعيمها لا كل ما يريد «لمن نريد» تعجيل ما نشاء له وهو بدل من الضمير في له بإعادة الجار بدل البعض فإنه راجع إلى الموصول المنبئ عن الكثرة وقرئ لمن يشاء على أن الضمير لله سبحانه وقيل هو لمن فيكون مخصوصا بمن أراد به ذلك وهو واحد من الدهماء وتقييد المعجل والمعجل له بما ذكر من المشيئة والإرادة لما أن الحكمة التي عليها يدور فلك التكوين لا تقتضي وصول كل طالب إلى مرامه ولا استيفاء كل واصل لما يطلبه بتمامه وأما ما يتراءى من قوله تعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون من نيل كل مؤمل لجميع آماله ووصول كل عامل إلى نتيجة أعماله فقد أشير إلى تحقيق القول فيه في سورة هود بفضل الله تعالى «ثم جعلنا له» مكان ما عجلنا له «جهنم» وما فيها من أصناف العذاب «يصلاها» يدخلها وهو حال من الضمير المجرور أو من جهنم أو استئناف «مذموما مدحورا» مطرودا من رحمة الله تعالى وقيل الآية في المنافقين كانوا يراءون المسلمين ويغزون معهم ولم يكن غرضهم إلا مساهمتهم في الغنائم ونحوها ويأباه ما يقال إن السورة مكية سوى آيات معينة «ومن أراد» بأعماله «الآخرة» الدار الآخرة وما فيها من النعيم المقيم «وسعى لها سعيها» أي السعي اللائق بها وهو الإتيان بما أمر والانتهاء عما نهى لا التقرب بما يخترعون بآرائهم وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص «وهو مؤمن» إيمانا صحيحا لا يخالطه شيء قادح فيه وإيراد الإيمان بالجملة الحالية للدلالة على اشتراط مقارنته لما ذكر في حيز الصلة «فأولئك» إشارة إلى الموصول بعنوان اتصافه بما في حيز الصلة وما في ذلك من معنى البعد للإشعار بعلو درجتهم وبعد منزلتهم والجمعية لمراعاة جانب المعنى إيماء إلى أن الإثابة المفهومة من الخبر تقع على وجه الاجتماع أي أولئك الجامعون لما مر من الخصال الحميدة أعني إرادة الآخرة والسعي الجميل لها والإيمان «كان سعيهم مشكورا» مقبولا عند الله تعالى أحسن القبول مثابا عليه وفي تعليق المشكورية بالسعي دون قرينيه إشعار بأنه العمدة فيها «كلا» التنوين عوض عن المضاف إليه أي كل واحد من الفريقين لا الفريق الأخير المريد للخير الحقيق بالإسعاف فقط «نمد» أي نزيد مرة بعد مرة بحيث يكون الآنف مددا للسالف وما به الإمداد ما عجل لأحدهما من العطايا العاجلة وما أعد للآخر من العطايا الآجلة المشار إليها بمشكورية السعي وإنما لم يصرح به تعويلا على ما سبق تصريحا وتلويحا واتكالا على ما لحق عبارة وإشارة كما ستقف عليه وقوله تعالى «هؤلاء» بدل من كلا «وهؤلاء» عطف عليه أي نمد هؤلاء المعجل لهم وهؤلاء المشكور سعيهم فإن الإشارة متعرضة لذات المشار إليه بماله من العنوان لا للذات فقط كالإضمار ففيه تذكير لما به الإمداد وتعيين المضاف إليه المحذوف دفعا لتوهم كونه أفراد الفريق الأخير وتأكيد للقصر المستفاد من تقديم
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272